بهم نفعل بمن تعدّى حدودنا وخالف أمرنا ... {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} . قال ابن كثير: أي: هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم، وعذاب الآخرة أشقّ. وقال ابن جرير: وقوله: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} ، يقول: لو كان هؤلاء المشركون يعلمون أن عقوبة الله لأهل الشرك به أكبر من عقوبته لهم في الدنيا لارتدعوا وتابوا وأنابوا، ولكنهم بذلك جهّال لا يعلمون.
قال البغوي: ثم أخبر بما أعدّه للمتقين فقال: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} ، فقال المشركون: إنا نعطى في الآخرة أفضل مما تعطون، فقال الله تكذيبًا لهم، {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ} نزل من عند الله {فِيهِ تَدْرُسُونَ} تقرؤون {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ} في ذلك الكتاب {لَمَا تَخَيَّرُونَ} تختارون وتشتهون {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ} عهود ومواثيق {عَلَيْنَا بَالِغَةٌ} مؤكّدة عاهدناكم عليها فاستوثقتم بها منا فلا تنقطع إلى يوم القيامة {إِنَّ ... لَكُمْ} كَسَرَ (إنّ) لدخول اللام في الخير في ذلك العهد {لَمَا تَحْكُمُونَ} لأنفسكم من الخير والكرامة.