قلت: ويشهد لهذا القول ما رواه الإمام أحمد وغيره عن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تخرج الأنهار الأربعة، والعرش فوقها، فإذا سألتم الله فسألوه الفردوس» . وفي الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا سألتم الله الجنة فسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن» .
وقال البغوي:{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} ، يعني: جبريل عليه السلام {إِلَيْهِ} أي: إلى الله عز وجل {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} من سني الدنيا، لو صعد غير الملك من بني آدم من منتهى أمر الله تعالى من أسفل الأرض السابعة إلى منتهى أمر الله تعالى من فوق السماء السابعة لما صعد في أقل من خمسين ألف سنة، والملك يقطع ذلك كله في ساعة واحدة. وقال ابن زيد في قوله:{فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً} قال: هذا حين كان يأمره بالعفو عنهم لا يكافئهم، فلما أمر بالجهاد والغلظة عليهم أمر بالشدة والقتل حتى يتركوا، ونسخ هذا. وقال ابن جرير: وهذا الذي قاله ابن زيد أنه كان أمر بالعفو بهذه الآية ثم نسخ
ذلك قول لا وجه له، لأنه لا دلالة على صحة ما قال من بعض الأوجه التي تصح منها الدعاوى، وليس في أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالصبر الجميل على أذى المشركين ما يوجب أن يكون ذلك أمرًا منه له به في بعض الأحوال، بل كان ذلك أمرًا من الله له به في