إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر فعبدوهم. وعن قتادة:{لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} ، قال: كان ود لهذا الحي من كلب بدومة الجندل، وكانت سواع لهذيل برياط، وكان يغوث لبني غطيف من مراد بالجرف، وكان يعوق لهمدان، وكان نسر لذي الكلاع من حمير، قال: كانت آلهة تعبدها قوم نوح ثم عبدتها العرب بعد ذلك. وعن ابن عباس: أن تلك الأوثان دفنها الطوفان وطمها التراب، فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً} ، يعني: الأصنام التي اتخذوها، أضلوا بها خلقًا كثيرًا، فإنه استمرت عبادتها في القرون إلى زماننا هذا في العرب والعجم وسائر صنوف بني آدم؛ وقد قال الخليل عليه السلام في دعائه:{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ} ، وقوله:{وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً} دعاء منه على قومه لتمردهم وكفرهم وعنادهم، كما دعا موسى على فرعون وملئه في قوله:{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} وقد استجاب الله لكل من النبيين في قومه، وأغرق أمته بتكذيبهم لما جاءهم به.
عن سفيان: قوله: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} ، وعن قتادة في قوله:{رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} أما والله ما دعا عليهم حتى أتاه الوحي من السماء