رأى هؤلاء المشركون من الجنّ والإِنس ما يوعدون يوم القيامة، فسيعلمون يومئذٍ من أضعف ناصرًا وأقلّ عددًا، هم أم المؤمنون الموحّدون لله تعالى، أي: بل المشركون لا ناصر لهم بالكلية وهم أقلّ عددًا من جنود الله عز وجل.
قال ابن كثير: يقول تعالى آمرًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول للناس أنه لا علم له بوقت الساعة، ولا يدري أقريب وقتها أم بعيد:{قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً} ، أي: مدّة طويلة، {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} ، قال ابن عباس: فأعلم الله سبحانه الرسل من الغيب: الوحي، أظهرهم عليه بما أوحى إليهم من غيبه، وما يحكم الله فإنه لا يعلم ذلك غيره. وقال ابن زيد: ينزل من غيبه ما شاء على الأنبياء، أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغيب: القرآن؛ قال: وحدّثنا فيه بالغيب بما يكون يوم القيامة.
وعن الضحاك:{إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} ، قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث إليه الملك بعث ملائكة يحرسونه من بين يديه ومن خلفه، أن يتشبّه الشيطان على صورة الملك. وعن إبراهيم:{مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} ، قال: ملائكة يحفظونهم من بين أيديهم ومن خلفهم. وقال ابن عباس: هي معقّبات من الملائكة يحفظون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الشيطان، حتى يتبيّن الذي أرسل به إليهم وذلك حين يقول:{لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ
رَبِّهِمْ} . وعن قتادة:{لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} ، ليعلم نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - أن الرسل قد أبلغت عن الله، وأن الله حفظها ودفع عنها. وقال