قوله عز وجل:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فالأول: تبرؤ من الشرك، والثاني: تبرؤ من الحول والقوة، وتفويض إلى الله عز وجل، وهذا كثير في القرآن، قال تعالى:{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} ، وقال تعالى:{هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} ، وقال تعالى:{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} ، قال ابن عباس:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ، يعني إياك نوحد ونخاف، ونرجوك يا ربنا لا غيرك. {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، على طاعتك وعلى أمورنا كلها. قال البغوي:(والعبادة الطاعة مع التذلل والخضوع، وسمي العبد عبدًا لذلته وانقياده) .
قوله عز وجل:{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} .
قال ابن كثير: لمّا تقدم الثناء على المسئول تبارك وتعالى، ناسب أن يعقب بالسؤال كما قال:(فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل) ، وهذا أكمل أحوال السؤال، أن يمدح مسئوله، ثم يسأل حاجته وحاجة إخوانه المؤمنين، والهداية ها هنا: الإرشاد والتوفيق.
وقال البغوي: وهذا الدعاء من المؤمنين، مع كونهم على الهداية، بمعنى التثبيت، وبمعنى طلب مزيد الهداية، لأن الألطاف والهدايات من الله لا تتناهى.