وقول عائشة بعدما ضرب الحجاب تعني حجاب أشخاص نسائه - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى:{وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} وهذه الآية مما وافق تنزيلها قول عمر - رضي الله عنه - كما روى البخاري وغيره عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال عمر - رضي الله عنه -: قلت: يا رسول الله! يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب
وفي الحديث دلالة على أن عمر - رضي الله عنه - إنما عرف سودة من جسمها، فدل على أنها كانت مستورة الوجه، وقد ذكرت عائشة أنها كانت رضي الله عنها تعرف بجسمتها، فلذلك رغب عمر - رضي الله عنه - أن لا تعرف من شخصها، وذلك بأن لا تخرج من بيتها، ولكن الشارع الحكيم لم يوافقه هذه المرة لما في ذلك من الحرج.
قال الحافظ رحمه الله في شرحه للحديث المذكور:
((إن عمر - رضي الله عنه - وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي حتى صرح بقوله له عليه الصلاة والسلام: (احجب نسائك)، وأكد ذلك إلى أن نزلت آية الحجاب، ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلاً ولو كن مستترات، فبالغ في ذلك، فمنع منه، وأذن لهن في الخروج لحاجتهن؛ دفعاً للمشقة ورفعاً للحرج)).
وقال القاضي عياض:
((فرض الحجاب مما اختصصن به (أي أمهات المؤمنين)، فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين، فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها ولا إظهار شخوصهن، وإن كن مستترات؛ إلا ما دعت إليه ضرورة من براز.
٢ـ وعنها أيضاً في حديث قصة الإفك قالت:
(( ... فبينا أنا جالسة في منزلي، غلبتني عيني، فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأدلج، فأصبح عند منزلي، فأري سواد إنسان نائم، فأتاني، فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت (وفي رواية: فسترت) وجهي عنه بجلبابي ... )) رواه البخاري ومسلم.
٣ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت:
((كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه)) رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وسنده حسن في الشواهد، ومن شواهده الحديث الذي بعده.
٤ـ عن اسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها قالت: