الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم:{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً، ولباس التقوى ذلك خيرٌ ذلك من آيات الله لعلهم يذَّكَّرون}[الأعراف: ٢٦]، وصلى الله على محمد المبعوث رحمةً للناس أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن تبعه يوم إلى الدين.
أما بعد؛ فهذه رسالة لطيفة، وبحوث مفيدة إن شاء الله تعالى، جمعتها لبيان اللباس الذي يجب على المرأة المسلمة أن تدَّثر به إذا خرجت من دارها، والشروط الواجب تحققها فيه حتى يكون لباساً إسلامياً، واستندت في ذلك على الكتاب والسنة، مستشرداً بما ورد فيه من الآثار والأقوال عن الصحابة والأئمة، فإن أصبت فمن الله تعالى وله الفضل والمنة، وإن كانت الأخرى؛ فذلك مني، وأسأله العفو والمغفرة لذنبي، إنه عفو كريم، غفورٌ رحيم.
وقد كان ذلك بطلب من بعض الإخوان الأحبة، الذين نظن فيهم الصلاح والاستقامة، والحرص على العمل بما يدل عليه الكتاب والسنة، وقد دنا يوم زفافه، جعله الله مباركاً عليه وعلى أهله وذريته، فرأيت من الواجب أن أبادر إلى إجابة طلبه، وتحقيق رغبته، على الرغم من ضيق وقتي، وانصرافي إلى العمل في مشروعي الذي أسميته ((تقريب السنة بين يدي الأمة))، الذي شرعت فيه منذ سنتين وزيادة، مبتدئاً ب ((سنن أبي داود))، ثم توقفت عنه منذ أشهر لعارض طرأ على عيني اليمنى، الذي أرجو الله تعالى أن يذهبه عني بفضله وكرمه. على الرغم من هذا فقد بادرت إلى تحرير هذه الرسالة القيمة، ثم قدمتها إليه هدية، عسى أن تكون له ولغيره ـ ممن عسى أن يقف عليها ـ عوناً على طاعة الله ورسوله في هذه المسألة، التي تهاون بها في هذا العصر أكثر الناس، وفيهم كثيرٌ من أهل العلم المفروض فيهم أن يكونوا قدوةً لغيرهم في كل أمرٍ من أمور الشريعة، فما بالك بغيرهم، حتى نَدَرَ أن ترى في هذه البلاد من وقف عندما حدَّده الشارع فيها كما سترى.