دخلت مع أبي على أبي بكر - رضي الله عنه -، فرأيت أسماء قائمة على رأسه بيضاء، ورأيت
أبا بكر - رضي الله عنه - أبيض نحيفاً. رواه الطبراني في الكبير بسند جيد في الشواهد.
[مشروعية ستر الوجه:]
هذا؛ ثم إن كثيراً من المشايخ اليوم يذهبون إلى أن وجه المرأة عورة لا يجوز لها كشفه، بل يحرم، وفيما تقدم في هذا البحث كفاية في الرد عليهم، ويقابل هؤلاء طائفة أخرى، يرون أن ستره بدعة وتنطع في الدين! كما قد بلغنا عن بعض من يتمسك بما ثبت في السنَّة في بعض البلاد اللبنانية، فإلى هؤلاء الإخوان وغيرهم نسوق الكلمة التالية:
ليعلم أن ستر الوجه والكفين له أصل في السنة، وقد كان ذلك معهوداً في زمنه - صلى الله عليه وسلم - كما يشير إليه - صلى الله عليه وسلم - بقوله:((لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين)) رواه البخاري.
والقفاز ما تلبسه المرأة في يديها فيغطي أصابعها وكفيها ليحفظها من البرد ونحوه.
والنقاب الخمار الذي يُشَدُ على الأنف أو تحت المحاجر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((تفسير سورة النور)):
((وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن)).
والنصوص متضافرة عن أن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يحتجبن حتى في وجوههن، وإليك بعض الأحاديث والآثار التي تؤيد ما نقول:
١ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت:
((خرجت سودة بعدما ضُربَ الحجابُ لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب، فقال: يا سودة! أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، قالت: فانكفأت راجعة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، وإنه ليتعشى وفي يده عَرْق (هو العظم إذا أخذ منه معظم اللحم)، فدخلت عليه، فقالت: يا رسول الله! إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر: كذا وكذا، قالت: فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه وإنَّ العَرْق في يده ما وضعه، فقال: إنه أُذن لكنَّ أن تخرجن لحاجتكن)) رواه البخاري ومسلم.