{وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنَّ ويحفظن فروجهن، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن، أو أبنائهن، أو أبناء بعولتهن، أو إخوانهن، أوبني إخوانهن، أو بني أخواتهن أو نسائهن، أو ما ملكت أيمانهن، أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال، أو الطفل الذي لم يظهروا على عورات النساء، ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن، وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.
وقوله تعالى في [سورة الأحزاب: الآية ٥٩]:
{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، وكان الله غفوراً رحيماً}.
ففي الآية الأولى التصريح بوجوب ستر الزينة كلها، وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن، فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره، قال الحافظ ابن كثير في ((تفسيره)):
((أي: لا يظهرن شيئاً من الزينة للأجانب، إلا ما لا يمكن إخفاؤه، قال ابن مسعود: كالرداء والثياب، يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها، وما يبدو من أسافل الثياب، فلا حرج عليها فيه، لأن هذا لا يمكن إخفاؤه)).
قلت: وهذا المعنى الذي ذكرنا في تفسير: {إلا ما ظهر منه}[سورة النور: ٣١] هو المتبادر من سياق الآية، وقد اختلفت أقوال السلف في تفسيرها فمن قائل: إنها الثياب الظاهرة.
ومن قائل: إنها الكحل والخاتم والسوار والوجه وغيرها من الأقوال التي رواها ابن جرير في ((تفسيره))
عن بعض الصحابة والتابعين، ثم اختار هو أن المراد بهذا الاستثناء الوجه والكفان، فقال:
((وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عنى بذلك الوجه والكفين، يدخل في ذلك ـ إذا كان كذلك ـ الكحل والخاتم والسوار والخضاب، وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل، لاجتماع الجميع على أن على كل مصلٍّ أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها