لما تقرر في الشرع أنه لا يجوز للمسلمين - رجالاً ونساءً - التشبه بالكفار سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم. وهذه قاعدة عظيمة في الشريعة الإسلامية خرج عنها اليوم - مع الأسف - كثير من المسلمين-حتى الذين يُعْنَون منهم بأمور الدين والدعوة إليه-جهلاً بدينهم، أو تبعاً لأهوائهم، أو انجرافاً مع عادات العصر الحاضر وتقاليد أوروبا الكافرة، حتى كان ذلك من أسباب ذل المسلمين وضعفهم، وسيطرة الأجانب عليهم، واستعمارهم {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}(الرعد: ١١) لو كانوا يعلمون.
وينبغي أن يعلم أن الأدلة على صحة هذه القاعدة المهمة كثيرة في الكتاب والسنة، وإن كانت أدلة الكتاب مجملة؛ فالسنة تفسرها وتبينها كما هو شأنها دائماً.
فمن الآيات قوله تعالى في (الجاثية: ١٦ - ١٨):
١ـ {ولقد آتينا بني اسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين. وآتيناهم بيناتٍ من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم، إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الاقتضاء)) (ص٨):
((أخبر سبحانه وتعالى أنه أنعم على بني اسرائيل بنعم الدين والدنيا، وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغياً من بعضهم على بعض، ثم جعل محمداً - صلى الله عليه وسلم - على شريعة من الأمر شرعها له وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء الذين لايعلمون، وقد دخل في {الذين لا يعلمون} كل من خالف شريعته. و (أهواؤهم): هو ما يهوونه، وما عليه المشركون من هديهم الظاهر، الذي هو من موجبات دينهم الباطل، وتوابع ذلك فهم يهوونه.