للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء)) فعلق الحكم باسم التشبه، وبكون كل صنف يتصف بصفة الآخر.

وقد بسطنا هذه القاعدة في ((اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم))، وبينَّا أن المشابهة في الأمور الظاهرة تورث تناسباً وتشابهاً في الأخلاق والأعمال، ولهذا نهينا عن مشابهة الكفار، ومشابهة الأعاجم، ومشابهة الأعراب، ونهي كل من الرجال والنساء عن مشابهة الصنف الآخر.

والرجل المتشبه بالنساء يكتسب من أخلاقهن بحسب تشبهه، حتى يفضي به الأمر إلى التخنث المحض، والتمكين من نفسه كأنه امرأة، ولما كان الغناء مقدمة ذلك، وكان من عمل النساء،

كانوا يسمون الرجال المغنين (مخانيث).

والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب من أخلاقهم حتى يصير فيها من التبرج والبروز ومشابهة الرجال ما قد يفضي ببعضهن إلى أن تظهر بدنها كما يظهره الرجال، وتطلب أن تعلو على الرجال كما يعلو الرجال على النساء، وتفعل من الأفعال ما ينافي الحياء والخفر المشروع للنساء، وهذا القدر قد يحصل بمجرد المشابهة.

وإذا تبين أنه لابد من أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يميز بين الرجال والنساء،

وأن يكون لباس النساء فيه من الاستتار والاحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا الباب، وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة، وإن كان ساتراً كالفراجي التي جرت عادة بعض البلاد أن يلبسها الرجال دون النساء، والنهي عن مثل هذا يتغير بتغير العادات، وأما ما كان الفرق عائداً إلى نفس الستر، فهذا يؤمر فيه النساء بما كان أستر ... ولو قدر أن الفرق يحصل بدون ذلك، فإذا اجتمع في اللباس قلة الستر والمشابهة نهي عنه من الوجهين. والله أعلم)).

<<  <   >  >>