للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١٤ ـ عن أبي واقد الليثي - رضي الله عنه -:

((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج إلى حنين، مرَّ بشجرة للمشركين، يُقال لها: ذات أنواط، يعلِّقون عليها أسلحتهم، ويعكفون حولها، قالوا: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

(سبحان الله (وفي رواية الله أكبر)! هذا كما قال قوم موسى: {اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة}، والذي نفسي بيده، لتركبن سنة من كان قبلكم سنة سنة)) رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح.

١٥ ـ عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

((بُعثتُ بين يدي الساعة بالسيف، حتى يُعبدَ اللهُ وحده لا شريك له، وجُعِل رزقي تحت ظل رمحي، وجُعِلَ الذلةُ والصَّغار على من خالف أمري، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم)) رواه أحمد وإسناده حسن.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

(وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال:

((من بنى بأرض المشركين، وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت؛ حُشِرَ معهم يوم القيامة)).

فقد يحمل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً لهم كان حكمه كذلك، وبكل حال يقتضي تحريم التشبه بعلة كونه تشبهاً.

والتشبه يعم من فعل الشيء، لأجل أنهم فعلوه وهو نادر، ومن تبع غيره في فعل لغرض له فيه ذلك، إذا كان أصل الفعل مأخوذاً عن ذلك الغير، فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضاً، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبها نظر، لكن قد ينهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة، كما أمر بصبغ اللحى وإحفاء الشوارب، مع أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((غيِّروا الشيب ولا تشبهوا باليهود))؛ دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منَّا ولا فعل. بل مجرد ترك تغيير ما خلق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية، وقد روى في هذا الحديث عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن التشبه بالأعاجم، وقال: ((من تشبه بقوم فهو منهم)). ذكره القاضي أبو يعلى؛ وبهذا احتج غير واحد من العلماء على كراهة أشياء من زي غير المسلمين)).

<<  <   >  >>