بِهِ نُهِيتُمْ عَنْهُ، مَهْلًا مَهْلًا، انْظُرُوا إِلَى الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكُمْ، كَيْفَ تَرَكُوا مَا جَمَعُوا لِغَيْرِهِمْ! وَحُوسِبُوا بِهِ، وَصَارُوا إِلَى النَّارِ إِذْ لَمْ يُؤَدُّوا الْحَقَّ فِيمَا جَمَعُوا، وَيَقُولُ أَحَدُكُمْ: لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ يَصْنَعُ أَهْلِي وَوَلَدِي إِذَا أَنَا مِتُّ؟ لِمَ تَسْأَلْ! وَقَدْ رَأَيْتَ مِنْ آبَائِكَ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْأَزْوَاجِ وَالْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِمْ، فَكَمَا نَسِيتَهُمْ، عَنْ قَلِيلٍ يَنْسَوْنَكَ، وَهَذَا دَأْبُ النَّاسِ فَخَيْرُهُمْ مَنْ قَدَّمَ لِنَفْسِهِ، وَعَمِلَ لِيَوْمِ فَقْرِهِ وَحَاجَتِهِ، فَتَزَوَّدُوا مِنْ أَمْوَالِكُمْ فَإِنَّمَا هِيَ لَكُمْ مَا دُمْتُمْ أَحْيَاءَ، فَإِذَا مِتُّمْ صَارَ إِلَى الْوَارِثِ، فَاعْقِلْ هَذَا وَاتَّقِ رَبَّكَ وَاحْذَرْ دَارَ الْغُرُورِ، فَقَدْ غَرَّتِ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، مَا رَفَعَهَا قَوْمٌ إِلَّا وَضَعَتْهُمْ أَقْبَحَ الْوَضْعِ، وَلَا أَعَزَّهَا قَوْمٌ إِلَّا أَذَلَّتْهُمْ أَقْبَحَ الذُّلِّ، وَلَوْ أَحَبَّهَا اللَّهُ تَعَالَى مَا كَتَبَ عَلَيْهَا الْفَنَاءَ، وَلَوْ رَضِيَهَا لِأَوْلِيَائِهِ مَا أَمَاتَهُمْ عَنْهَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَتَعَالَى خَلَقَهَا لِلْفَنَاءِ وَجَعَلَهَا دَارَ بَلْوَى، فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَفَكَّرَ فِيهَا
وَاعْتَبَرَ وَحَذِرَهَا وَتَزَوَّدَ مِنْهَا بِخَيْرٍ مِمَّا يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَمَنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهَا فَأَعْذَرَهُ، وَبَيَّنَ إِلَيْهِ لِاتِّخَاذِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، وَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ، وَلَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
١٣٨٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنَابَاذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ، إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: " {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: ٢] ، قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا تَرَاهُ إِلَّا يَلُومُ نَفْسَهُ، يَقُولُ مَا أَرَدْتُ بِأَكْلِي، مَا أَرَدْتُ بِكَلِمَتِي، مَا أَرَدْتُ بِحَدِيثِي نَفْسِي، فَلَا تَرَاهُ إِلَّا يُعَاتِبُهَا وَالْفَاجِرُ يَمْشِي قُدُمًا قُدُمًا لَا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ "
١٣٨٧ - أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ التَّوَّزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرِ بْنِ الْقَاسِمِ الْخَوَّاصُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ أَبُو عُثْمَانَ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُهَلَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ، قَالَ: قَالَ عَدِيُّ بْنُ يَزِيدَ:
وَصَحِيحًا أَضْحَى يَعُودُ مَرِيضًا ... أَدْنَى لِلْمَوْتِ مِمَّنْ يَعُودُ
وَأَطِبَّا بَعْدَهُمْ لَحِقُوهُمْ ... ضَلَّ عَنْهُمْ سَعُوطُهُمْ وَاللَّدُودُ
أَيْنَ أَهْلُ الدِّيَارِ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ ... ثُمَّ عَادٍ مِنْ بَعْدِهِمْ وَثَمُودُ
بَيْنَمَا أَهْلٌ لِلنَّمَارِق وَالدِّيبَاجِ ... أَفْضَتْ إِلَى التُّرَابِ الْجُلُودُ
ثُمَّ لَمْ يَنْقُضِ الْحَدِيثُ وَلَكِنْ ... بَعْدَ ذَاكَ الْوَعِيدُ وَالْمَوْعُودُ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute