يُوسُفَ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَارِثِ الْجَوْزَانِيَّ يَقُولُ: حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ , أَنَّهُ قَالَ: النَّاسُ كُلُّهُمْ عِيَالٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ: عَلَى مُقَاتِلٍ فِي التَّفْسِيرِ، وَعَلَى زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى فِي الشِّعْرِ، وَعَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْكَلَامِ.
١٣٩٧ - أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدَ يُوسُفُ بْنُ رَبَاحِ بْنِ عَليٍّ الْبَصْرِيُّ الْحُنَيْفِيُّ , نَزِيلُ الْأَهْوَازِ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي جَامِعِهَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَليُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بُنْدَارٍ الْأُرْدُنِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِمِصْرَ فِي مَنْزِلِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ الْأدِيبُ , بِأَنْطَاكِيَّةَ، وقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو وَهْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ حَبِيبٍ السَّهْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَشِيرٌ أَبُو نَصْرٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , بِخُنَاصِرَةَ فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَمْ تُخْلَقُوا عَبَثًا , وَلَمْ تُتْرَكُوا سُدًا، وَإِنَّ لَكُمْ مِيعَادًا يَنْزِلِ اللَّهُ , فَيَحْكُمُ عَلَيْكُمْ , وَيفْصِلُ الْقَضَاءَ بَيْنَكُمْ، فَقَدْ خَابَ , وَخَسِرَ مَنْ خَرَجَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ , وَحُرِمَ الْجَنَّةَ الَّتِي عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَبَاعَ نَافِدًا بِبَاقٍ، وَخَوْفًا بِأَمَانٍ، وَجَنَّةً بِنَارٍ، وَقَلِيلًا بِكَثِيرٍ، أَلَا تَرَوْنَ أَنَّكُمْ فِي أَسْلَابِ الْهَالِكِينَ فِي كُلِّ يَوْمٍ تُشَيِّعُونَ غَادِيًا وَرَائِحًا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَتُنَقِّبُونَ لَهُ فِي صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ , ثُمَّ تَجْعَلُونَهُ فِي بَطْنِ صَدْعٍ، ثُمَّ تَتْرُكُونَهُ غَيْرَ مُوَسَّدٍ وَلَا مُمَهَّدٍ، قَدْ قَضَى نَحْبَهُ , وَانْقَضَى أَثَرُهُ، قَدْ فَارَقَ الْأَحْبَابَ وَخَلَعَ الأَسْبَابَ، وَسَكَنَ التُّرَابَ، مُرْتَهَنًا بِعَمَلِهِ، فَقِيرًا إِلَى مَا قَدَّمَ، غَنِيًّا عَمَّا تَرَكَ، فَاتَّقُوا الْمَوْتَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ بِكُمْ، وَأَيْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَقُولُ لَكُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ , وَمَا أَعْلَمُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنَ الذُّنُوبِ أَكْثَرَ مِمَّا عِنْدِي، فَأْسَتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، وَلَوْلَا كَانَ اللِّسَانُ بِهِ ذَلُولًا , وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَا يَسَعُهُ مَا عِنْدَنَا , لَوَدِدْتُ أَنَّهُ بُدِئَ بِي , وَيَلْحَقُنِي الَّذِينَ بَلَوْنِي، ثُمَّ وَضَعَ رِدَاءَهُ عَلَى وَجْهِهِ , وَبَكَى حَتَّى عَلَا بُكَاؤُهُ، ثُمَّ لَمْ يَخْطُبْ بَعْدَهَا , حَتَّى مَاتَ.
١٣٩٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَليِّ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزَجِيُّ، بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَليُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَهْضَمٍ الْهَمَذَانِيُّ , مِنْ لَفْظِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُلَيْحٍ، قَالَ: ذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ , قَالَ: النَّاسُ فِي طَرِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةٌ: عَالِمٌ بِالْعِلْمِ مَشْغُولٌ بِدَرْسِهِ , وَفَهْمِهِ , وَحِفْظِهِ , وَبَثِّهِ، يَطْلُبُ بِذَلِكَ إِثْبَاتَ الْقَدْرِ , وَعُلُوَّ الْمَنْزِلَةِ وَمَرْتَبَةَ الرِّئَاسَةِ، وَكَشْفَ وَجْهَهُ لِذَلِكَ , وَأَنْصَبَ عَقْلَهُ نَحْوَ مَا طَلَبَ، فَهُوَ بِذَلِكَ مَشْغُولٌ، وَبِمَحَبَّةِ مَا طَلَبَ مَفْتُونٌ، فَهُوَ حَارِسٌ لِلْعِلْمِ وَالْعِلْمُ لَا يَحْرُسُهُ، وَخَادِمٌ للعلم والعلم لَا يَسْتَخْدِمُهُ، مَنْفَعَتُهُ لِغَيْرِهِ وَمَضَرَّتُهُ لِنَفْسِهِ، وَحِجَابُهُ مَا عَلِمَ، وَفِتْنَتُهُ مَا طَلَبَ، فَهُوَ عِبْرَةٌ لِأَهْلِ الْبَصَائِرِ، مُسْتَدْرَجٌ بِالنُّطْقِ، مَفْتُونٌ بِالْعِبَارَةِ، لَا يَعْقِلُ الْفِتْنَةَ , وَلَا يَنْظُرُ فِي بَلِيَّتِهِ، وَقَدْ مَلَكَهُ الْهَوَى , وَأَضَرَّ بِهِ فِتَنُ الدُّنْيَا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي مِنَ الْعُلَمَاءِ: عَالِمٌ قَدْ عَلِمَ , وَأَطْلَقَ بِهِ الْعِلْمُ عَلَى نَفْسِهِ يَكِدُّهَا بِالسِّرِّ لَيْلًا وَيُظْمِئُهَا بِالنَّهَارِ، رَغْبَتُهُ فِي الثَّوَابِ لِمَا قَدْ وُعِدَ بِهِ مِنْ مَرْغُوبِ الثَّوَابِ، قَدْ غَلَبَ عَلَى قَلْبِهِ مَلَاذُ نَعِيمِ الْآخِرَةِ , وَزَهْرَتُهَا , وَدَوَامُ الْحَيَاةِ بِهَا، قَدْ سَاعَدَهُ بِذَلِكَ التَّوْفِيقُ، فَهُوَ مَشْغُولٌ بِمَا