أَرَى الْمَرْءَ مَهْمَا لَمْ يَمُتْ فَهُوَ ذَائِقٌ ... فِرَاقَ الْأَخِلَّاءِ الَّذِي هُوَ أَوْجَعُ
فَيَشْفِي غَلِيلَ النَّفْسِ قَبْلَ فِرَاقِهِ ... وَمَا النَّفْسُ إِلَّا ظَاعِنٌ وَمُشَبَّعُ
وَمَا الْعُمْرُ إِلَّا هِجْرَةٌ وَتَوَاصُلٌ ... وَلَا إِيَاسٌ فِي الْحَيَاةِ وَمَطْمَعُ
وَمَا تَهَبُ الدُّنْيَا لَنَا تَسْتَرِدُّهُ ... وَتَسْتَرْجِعُ الْأَحْدَاثَ مَا الْمَرْءُ مُودِعُ
مَا الدَّهْرُ إِلَّا لِلْخَلَائِقِ وَالِدٌ ... فَمَا بَالُهُ مِنْ لَحْمِهِمْ لَيْسَ يَشْبَعُ
يَحِيفُ عَلَى الْأَبْنَاءِ وَهْوَ أَبُوهُمْ ... وَيَفْجَعُ بِالْآبَاءِ وَهُوَ الْمُفْجِعُ.
٢٣٨٠ - أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلِ بْنِ بِشْرَانَ النَّحْوِيُّ , لِنَفْسِهِ بِوَاسِطَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
يَا خَاطِبَ الدُّنْيَا أَتَخْطُبُ تَارِكًا ... قَدْ آذَنَتْ تِفْرَاقُهَا خُطَّابَهَا
لَا تَخْدَعَنَّ ثُغُورَ عُرْسٍ لَمْ تَزَلْ ... مُغْتَالَةً بِغُرُورِهَا أَحْبَابُهَا
قُرِنَتْ بِطِيبِ نَعِيمِهَا أَوْصَابُهَا ... وَبِحُلْوِهَا الْمَعْسُولِ تُمْزَجُ صَابُهَا
وَمَتَى تَجِدْ يَوْمًا بِلَذَّةِ وَصْلِهَا ... طَلَبَتْ بِحَدِّ بَيْنِهَا أَسْبَابَهَا
فَإِذَا نَظَرَتْ وَجَدَتْ فَتْكَ مَا تَرَى ... أَلِلْعَالَمِينَ طَعَامُهَا وَشَرَابُهَا
وَلِذَاكَ إِنَّكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِمُنْيَةٍ ... مِنْهَا ارْتَقَيْتَ عَلَى الْمَكَانِ ذَهَابَهَا.
٢٢٨١ - أَنْشَدَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ الطَّبَرِيُّ إمَامُ الشَّافِعِيَّةِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ طِرَازَةَ لِنَفْسِهِ:
أَأَقْتَبِسُ الضِّيَاءَ مِنَ الضَّبَابِ ... وَأَلْتَمِسُ الشَّرَابَ مِنَ السَّرَابِ
أُرِيدُ مِنَ الزَّمَانِ النَّذْلِ بَذْلًا ... وَأَرْيًا مِنْ جَنَى سَلْعٍ وَصَابِ
أُرَجِّي أَنْ أُلَاقِي لِاشْتِيَاقِي ... سَرَاةَ النَّاسِ فِي زَمَنِ الْكِلَابِ.