لِي فِي الشِّتَاءِ، قَالَ: لِئَلَّا يَكُونَ فِي ذَلِكَ دُخَانٌ، قَالَ: وَكَانَ يَحْلِبُ نَاقَتَهُ فِي الْغَدَاةِ , فَيَأْتِينِي بِهِ، فَيَقُولُ: اشْرَبِي يَا أُمَّ الْهُذَيْلِ، فَإِنَّ أَطْيَبَ اللَّبَنِ مَا بَاتَ فِي الضَّرْعِ، قَالَتْ: فَمَاتَ , فَرِزْقُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنَ الصَّبْرِ مَا شَاءَ يَرْزُقُ، وَكُنْتُ أَجِدُ مَعَ ذَلِكَ حَرَارَةً فِي صَدْرِي لَا تَكَادُ تَسْكُنُ، قَالَتْ: فَأَتَيْتُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٦] فَذَهَبَ مَا كُنْتُ أَجِدُهُ.
٢٣٩٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَاهِينَ , بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ الْحَرْبِيُّ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: مَا نَالَ عَبْدٌ شَيْئًا مِنْ جَسِيمِ الْخَيْرِ , وَلَا غَيْرِهِ , إِلَّا بِالصَّبْرِ.
٢٣٩٧ - أَنْشَدَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمُحَسِّنِ التَّنُوخِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبِي الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الْمُحَسِّنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ:
اصْبِرْ فَلَيْسَ الزَّمَانُ مُصْطَبِرًا ... وَكُلُّ أَحْدَاثِهِ فَمُنْقَشِعَهْ
كَمْ مِنْ فَقِيرٍ غِنَاهُ فِي سَعَةٍ ... قَدْ نَالَ فِي عَيْشِهِ غِنًى وَدَعَهْ
وَمِنْ خَلِيلٍ خَلَتْ مَصَائِبُهُ ... ثُمَّ تَلَافَاهُ بَعْدَ مَنْ وَضَعَهْ
فَعَادَ فِي الْعِزِّ آمِنًا جَزِلًا ... وَعَادَ أَعْدَاؤُهُ لَهُ خَضَعَةْ.
٢٣٩٨ - أَخْبَرَنَا الْمُطَهَّرُ بْنُ أَبِي نِزَارٍ الْعَبْديُّ الْخَطِيبُ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حُنَيْشٍ، إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ خَاقَانَ أَبُو صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْمُوَرِّعِ حَاضِرًا يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ قَالَ بَيْتَ شِعْرٍ يَعْقُوبُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءوا فَأَخْبَرُوهُ عَنْ يُوسُفَ قَالَ:
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ بِالَّذِي جِئْتُمْ بِهِ ... وَحَسْبِي إِلَهِي فِي الْمُهِمَّاتِ كَافِيًا.
٢٣٩٩ - أَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الزَّعْفَرَانِيُّ لِنَفْسِهِ:
أُغَالِطُ نَفْسِي فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ ... وَمَا أَنَا فِي هَذَا الْفِعَالِ بِغَالِطٍ
وَأَحْمِلُ أَثْقَالًا لَا أَضِيقُ بِوِسْعِهَا ... لِأَرْدَأُ عَنِّي الْعَيْبَ مِنْ كُلِّ سَاقِطٍ
وَيَقْبِضُنِي خَوْفُ الْإِلَهِ مِنَ الْأَذَى ... وَأَنِّي لِنَفْسِي فِي الْهَوَى غَيْرُ بَاسِطٍ
ومَا أَنَا بِالْمَشَّاءِ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ ... وَلَا أَنَا فِي الْعَشْوَاءِ قَطُّ بِخَابِطٍ
وَأَرْكَبُ مَتْنَ الْعَزْمِ رَكْبَةَ حَازِمٍ ... وَأَصْبِرُ عِنْدَ الْحَقِّ صَبْرَ مُرَابِطٍ.