ذكر تعالى في مستهل السورة موقف الكفار والمنافقين من القرآن الكريم وفي هذا توطئة للحديث عن بني إسرائيل وتحذيرهم من أن يسلكوا طريق الكفر والنفاق.
المناسبة بين النداء الأول في السورة وبين النداء الموجه إلى بني إسرائيل: لما جاء النداء الأول في هذه السورة الكريمة بصيغة العموم موجها إلى الناس جميعا داعيا إلى عبادة الله وحده ومذكرا بنعمه تعالى عليهم قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {٢١} الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {٢٢} وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {٢٣} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {٢٤} :
جاء النداء الأول بدعوة عامة موجهة للناس جميعا أن يعبدوا الله تعالى فهو وحده المستحق للعبادة، والعبادة سبيل التقوى، والقرآن هو الآية الكبرى التي تحدى الله بها الناس جميعا فلا سبيل إلى الإتيان بسورة من مثله، فلا ريب في كونه منزلا من عند الله ولا ريب فيما اشتمل عليه من حكم وأحكام وقصص وأمثال.
وجاء النداء الثاني موجها إلى طائفة معينة وهم بنو إسرائيل مذكرا بنعمه تعالى عليهم وداعيا لهم إلى الإيمان بالنبي الخاتم - صلى الله عليه وسلم - فجاء النداء الأول موجها إلى الناس جميعا وجاء النداء الثاني موجها لطائفة معينة وهذا من ذكر الخاص بعد العام ...