للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم ينزل قوله تعالى: {مِنَ الْفَجْرِ} ، [البَقَرَة: ١٨٧] فتبيَّن بذلك أن المقصود بالخيطين: خيط النهار وخيط الليل عند الفجر إذا اعترضا في الأفق - كما ذُكِر آنفًا - من بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: «إنما هو سواد الليل وبياض النهار» ، ومن تمثيله صلى الله عليه وسلم لصورة الفجر الصادق بأصابعه الشريفة، وبإحالة المسلمين إلى سماع أذان عبد الله ابن أم مكتوم رضي الله عنه، فهو المُعْلِم بدخول الفجر الصادق، وليس أذان بلال بن رباح رضي الله عنه، وقد كان يؤذِّن بليل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بلالاً يؤذِّن بليلٍ، فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم» (٢٠) .

ومما يجدر ذِكره - في ختام هذا المبحث - أن صيام يوم عاشوراء، لم يزل مشروعاً مأموراً به على سبيل الندب، بعد أن خيَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بصيامه بعد افتراض رمضان، ومما يدلُّ عليه قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «هذا يوم عاشوراء، ولم يكتبِ الله عليكم صيامَه، وأنا


(٢٠) أخرجه البخاري؛ كتاب: الأذان، باب: الأذان قبل الفجر، برقم (٦٢٣) ، عن عائشة رضي الله عنها، وفي كتاب الصوم أيضاً بمعناه. ومسلم؛ كتاب الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم (١٠٩٢) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وقال البخاري رحمه الله: قال القاسم - يعني ابن محمد الراوي عن عائشة رضي الله عنها -: ولم يكن بين أذانهما إلاّ أن يرقى ذا وينزل ذا. اهـ. ... ومعنى (إلا أن يرقى ذا وينزل ذا) ، أي: إلاّ أن يعلو ابن أم مكتوم المكان الذي يؤذن عنده، وينزل بلال من المكان نفسه، فالوقت بين الأذانين - على ذلك - ليس متسعاً، كما لا يخفى.

<<  <   >  >>