بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ (وَمُؤْنَةٌ فِيهَا عِبَادَةٌ كَالْعُشْرِ فَلَا يُبْتَدَأُ عَلَى الْكَافِرِ لَكِنْ يَبْقَى عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَالْخَرَاجِ عَلَى السَّلَمِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُضَاعَفُ؛ لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْعُشْرِ (مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يُنَافِي الْعُقُوبَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُضَاعَفُ) أَيْ الْعُشْرُ (إذْ هِيَ) أَيْ الْمُضَاعَفَةُ (أَسْهَلُ مِنْ الْإِبْطَالِ أَصْلًا) اعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدًا قَاسَ إبْقَاءَ الْعُشْرِ عَلَى الْكَافِرِ عَلَى إبْقَاءِ الْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ فِي الْعُشْرِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَيَجِبُ تَغْيِيرُ الْعُشْرِ أَمَّا الْخَرَاجُ فَإِنَّ فِيهِ مَعْنَى الْعُقُوبَةِ، وَالْإِسْلَامُ لَا يُنَافِي الْعُقُوبَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَبْقَى الْخَرَاجُ عَلَى الْمُسْلِمِ قَوْلُهُ فَيُضَاعَفُ كَلِمَةُ التَّعْقِيبِ، وَهِيَ الْفَاءُ تَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ، وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَغْيِيرِ الْعُشْرِ، وَالْمُضَاعَفَةُ أَسْهَلُ
ــ
[التلويح]
وَوُضِعَ الْخَرَاجُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الْأَصْلِ، وَالْوَصْفِ جَمِيعًا، وَالتَّضْعِيفُ فِي حَقِّ الْكَافِرِ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ كَصَدَقَاتِ بَنِي تَغْلِبَ، وَمَا يَمُرُّ بِهِ الذِّمِّيُّ عَلَى الْعَاشِرِ لَا يُقَالُ فِيهِ تَضْعِيفٌ لِلْقُرْبَةِ، وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا لِأَنَّا نَقُولُ: بَعْدَ التَّضْعِيفِ صَارَ فِي حُكْمِ الْخَرَاجِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْكَفَّارَةِ، وَخَلَا عَنْ وَصْفِ الْقُرْبَةِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْقَلِبُ الْعُشْرُ خَرَاجًا لِأَنَّ الْعُشْرَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بِوَصْفِ الْقُرْبَةِ، وَالْكُفْرُ يُنَافِيهِ فَيَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ، وَالتَّضْعِيفُ أَمْرٌ ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ تَعَذَّرَ إيجَابُ الْجِزْيَةِ أَوْ الْخَرَاجِ عَلَيْهِمْ خَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ لِكَثْرَتِهِمْ، وَقُرْبِهِمْ مِنْ الرُّومِ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ مَا هُوَ أَصْلٌ فِي الْكَافِرِ، وَهُوَ الْخَرَاجُ.
(قَوْلُهُ: وَحَقٌّ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ) أَيْ ثَابِتٌ بِذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِذِمَّةِ عَبْدٍ يُؤَدِّيهِ بِطَرِيقِ الطَّاعَةِ كَخُمْسِ الْغَنَائِمِ وَالْمَعَادِنِ فَإِنَّ الْجِهَادَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إعْزَازًا لِدِينِهِ، وَإِعْلَاءً لِكَلِمَتِهِ فَالْمُصَابُ بِهِ كُلُّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّهُ جَعَلَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ لِلْغَانِمِينَ امْتِنَانًا وَاسْتَبْقَى الْخُمْسَ حَقًّا لَهُ لَا حَقًّا لَزِمَنَا أَدَاؤُهُ طَاعَةً، وَكَذَا الْمَعَادِنُ، وَلِهَذَا جَازَ صَرْفُ خُمْسِ الْمَغْنَمِ إلَى الْغَانِمِينَ، وَإِلَى آبَائِهِمْ، وَأَوْلَادِهِمْ وَخُمْسِ الْمَعْدِنِ إلَى الْوَاجِدِ عِنْدَ الْحَاجَةِ.
(قَوْلُهُ: وَقَاصِرَةٌ كَحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ) فَإِنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْمَقْتُولِ ثُمَّ إنَّهُ عُقُوبَةٌ لِلْقَاتِلِ لِكَوْنِهِ غُرْمًا لَحِقَهُ بِجِنَايَتِهِ حَيْثُ حُرِّمَ مَعَ عِلَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَهِيَ الْقُرَابَةُ لَكِنَّهَا قَاصِرَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَائِلَ لَمْ يَلْحَقْهُ أَلَمٌ فِي بَدَنِهِ وَلَا نُقْصَانٌ فِي مَالِهِ بَلْ امْتَنَعَ ثُبُوتُ مِلْكِهِ فِي تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ، وَلَمَّا كَانَ الْحِرْمَانُ عُقُوبَةً، وَجَزَاءً لِلْقَتْلِ أَيْ لِمُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ نَفْسِهِ بِأَنْ يَتَّصِلَ فِعْلُهُ بِالْمَقْتُولِ، وَيَحْصُلُ أَثَرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّارِعَ رَتَّبَ الْحُكْمَ عَلَى الْفِعْلِ حَيْثُ قَالَ: لَا مِيرَاثَ لِلْقَاتِلِ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ إذَا قَتَلَ مُوَرِّثَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُوصَفُ بِالْحَظْرِ، وَالتَّقْصِيرِ لِعَدَمِ الْخِطَابِ، وَالْجَزَاءُ يَسْتَدْعِي ارْتِكَابَ مَحْظُورٍ، وَلَا فِي الْقَتْلِ بِالسَّبَبِ بِأَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute