للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَثْبُتُ مَا كَانَ تَبَعًا لَهَا. لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ شَرْطٌ لِلطَّلَاقِ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا الْوُجُودُ فَيُشْتَرَطُ لِإِثْبَاتِهِ) أَيْ لِإِثْبَاتِ الشَّرْطِ (مَا يُشْتَرَطُ لِإِثْبَاتِ حُكْمِهِ) ، وَهُوَ الطَّلَاقُ (كَمَا فِي الْعِلَّةِ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ مَا يُشْتَرَطُ لِإِثْبَاتِ حُكْمِهَا.

(عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْحُجَّةَ ضَرُورِيَّةٌ، فَلَا تَتَعَدَّى) أَيْ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ لَا تُقْبَلُ إلَّا فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، وَهُوَ الْوِلَادَةُ، فَلَا تَتَعَدَّى عَنْهُ إلَى مَا لَا ضَرُورَةَ فِيهِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْوَاحِدَةِ. (كَمَا فِي شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى ثِيَابَةِ أَمَةٍ بِيعَتْ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ) فِي حَقِّ الرَّدِّ فَإِنَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَتْ مَقْبُولَةً فِي حَقِّ الْبَكَارَةِ وَالثِّيَابَةِ فَكَذَا هُنَا (بَلْ يُحَلَّفُ الْبَائِعُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْأَصْلُ فِي الْمُسْلِمِ الْعِفَّةُ وَالْقَذْفُ كَبِيرَةٌ، ثُمَّ الْعَجْزُ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يُعَرِّفُ ذَلِكَ)

أَيْ كَوْنَهَا كَبِيرَةً أَيْ يَتَبَيَّنُ بِالْعَجْزِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْقَذْفَ حِينَ وُجِدَ كَانَ كَبِيرَةً (لَا أَنَّهُ يَصِيرُ كَبِيرَةً عِنْدَ الْعَجْزِ فَيَكُونُ الْعَجْزُ عَلَامَةً لِجِنَايَةٍ فَيَثْبُتُ سُقُوطُ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ

ــ

[التلويح]

أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِمْ لِمَوْتِهِمْ، أَوْ غَيْبَتِهِمْ، أَوْ امْتِنَاعِهِمْ عَنْ الْأَدَاءِ، وَإِذَا كَانَ ثُبُوتُ الْفِسْقِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ مُقْتَصِرًا عَلَى حَالِ الْعَجْزِ كَانَ الْعَجْزُ شَرْطًا لَا عَلَامَةً.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ الْقَذْفُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْحِسْبَةِ وَالْجِنَايَةِ فَكَمَا اُعْتُبِرَ جِهَةُ الْجِنَايَةِ رِعَايَةً لِجَانِبِ الْمَقْذُوفِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ جِهَةُ الْحِسْبَةِ رِعَايَةً لِجَانِبِ الْقَاذِفِ.

قُلْنَا: قَدْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي أَنَّهُ إنْ أَتَى بِالْبَيِّنَةِ عَلَى زِنَا الْمَقْذُوفِ قَبْلَ تَقَادُمِ الْعَهْدِ أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَتَى بِهَا بَعْدَهُ بَطَلَ رَدُّ شَهَادَةِ الْقَذْفِ وَصَارَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ لَكِنْ لَمْ يُقَمْ الْحَدُّ عَلَى الْمَقْذُوفِ؛ لِأَنَّ تَقَادُمَ الْعَهْدِ شُبْهَةٌ يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ التَّقَادُمِ فَأَشَارَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَفَوَّضَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ.

[بَابُ الْمَحْكُوم بِهِ]

(قَوْلُهُ بَابُ الْمَحْكُومِ بِهِ وَهُوَ) الْفِعْلُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ خِطَابُ الشَّارِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ حِسًّا أَيْ مِنْ وُجُودِهِ فِي الْوَاقِعِ بِحَيْثُ يُدْرَكُ بِالْحِسِّ أَوْ بِالْعَقْلِ إذْ الْخِطَابُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا لَا يَكُونُ لَهُ وُجُودٌ أَصْلًا وَالْمُرَادُ بِالْوُجُودِ الْحِسِّيِّ مَا يَعُمُّ مُدْرَكَاتِ الْعَقْلِ بِطَرِيقِ التَّغْلِيبِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مِثْلُ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ وَالنِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ ثُمَّ مَعَ وُجُودِهِ الْحِسِّيِّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وُجُودٌ شَرْعِيٌّ أَوْ لَا وَكُلٌّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ لَا وَمَعْنَى الْوُجُودِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يَعْتَبِرَ الشَّارِعُ أَرْكَانًا وَشَرَائِطَ يَحْصُلُ مِنْ اجْتِمَاعِهَا مَجْمُوعٌ مُسَمًّى بِاسْمٍ خَاصٍّ يُوجَدُ بِوُجُودِ تِلْكَ الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ وَيَنْتَفِي بِانْتِفَائِهَا كَالصَّلَاةِ وَالْبَيْعِ وَمَعْنَى سَبَبِيَّةِ الْفِعْلِ لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَنْ يَجْعَلَ الشَّارِعُ ذَلِكَ الْفِعْلَ بِالتَّعْيِينِ سَبَبًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ هُوَ صِفَةٌ لِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ كَالزِّنَا لِوُجُوبِ الْحَدِّ أَوْ أَثَرٌ لَهُ كَالْبَيْعِ لِلْمِلْكِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْهُ بِالتَّعْيِينِ سَبَبًا لِبُطْلَانِ الصَّوْمِ مَثَلًا بَلْ جَعَلَ الْإِمْسَاكَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّوْمِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُهُ بِانْتِفَائِهِ ثُمَّ مَا لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>