الْوَاحِدِ فَأَوْرَدَ فِيهِ لَفْظَ الْجَمْعِ (وَسَمَّيْته بِتَنْقِيحِ الْأُصُولِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى مَسْئُولٌ أَنْ يُمَتِّعَ بِهِ مُؤَلِّفَهُ وَكَاتِبَهُ وَقَارِئَهُ وَطَالِبَهُ وَيَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ إنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)
أُصُولُ الْفِقْهِ أَيْ هَذَا أُصُولُ الْفِقْهِ أَوْ أُصُولُ الْفِقْهِ مَا هِيَ فَنُعَرِّفُهَا أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ وَثَانِيًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَقَبٌ لِعِلْمٍ مَخْصُوصٍ
ــ
[التلويح]
وَعُرْوَةُ الْإِعْجَازِ بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ وَهُدْبُ الثَّوْبِ مَا عَلَى أَطْرَافِهِ وَعُرْوَةُ الْكُوزِ كُلْيَتُهُ الَّذِي تُؤْخَذُ عَنْهُ أَخَذَهُ وَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْهُدْبِ فَخَصَّهَا بِالْإِعْجَازِ الَّذِي هُوَ أَوْثَقُ مِنْ السِّحْرِ، وَفِي الصِّحَاحِ السِّحْرُ الْأُخْذَةُ وَكُلُّ مَا لَطُفَ مَأْخَذُهُ وَدَقَّ فَهُوَ سِحْرٌ، وَمَعْنَى تَمَسُّكِهِ بِذَلِكَ مُبَالَغَتُهُ فِي تَلْطِيفِ الْكَلَامِ وَتَأْدِيَةِ الْمَعَانِي بِالْعِبَارَاتِ اللَّائِقَةِ الْفَائِقَةِ حَتَّى كَأَنَّهُ يَتَقَرَّبُ إلَى السِّحْرِ وَالْإِعْجَازِ وَهَاهُنَا بَحْثَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ كَوْنَ طَرِيقِ تَأْدِيَة الْمَعْنَى أَبْلَغَ مِنْ جَمِيعِ مَا عَدَاهُ مِنْ الطُّرُقِ الْمُحَقَّقَةِ الْمَوْجُودَةِ غَيْرُ كَافٍ فِي الْإِعْجَازِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعَجْزِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ وَالْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ مِنْ الطُّرُقِ الْمُحَقَّقَةِ وَالْمُقَدَّرَةِ حَتَّى لَا يُمْكِنَ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ غَيْرَ مَشْرُوطٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ الْقُرْآنِ مَعَ كَوْنِهِ مُعْجِزًا فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ أَبْلَغَ مِنْ جَمِيعِ مَا عَدَاهُ وَالثَّانِي أَنَّ الطَّرَفَ الْأَعْلَى مِنْ الْبَلَاغَةِ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ مِنْ الْمَرَاتِبِ الْعَلِيَّةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لِلْبَشَرِ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ كِلَاهُمَا مُعْجِزٌ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمِفْتَاحِ وَنِهَايَةِ الْإِعْجَازِ وَحِينَئِذٍ يَتَعَدَّدُ طَرِيقُ الْإِعْجَازِ أَيْضًا بِأَنْ يَكُونَ عَلَى الطَّرَفِ الْأَعْلَى أَوْ عَلَى بَعْضِ الْمَرَاتِبِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِعْجَازَ لَيْسَ إلَّا فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَبْلَغَ مِنْ جَمِيعِ مَا عَدَاهُ أَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ غَيْرُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى مُحَقَّقًا وَمُقَدَّرًا حَتَّى لَا يُمْكِنَ الْإِتْيَانُ لِلْغَيْرِ بِمِثْلِهِ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ الْإِعْجَازَ سَوَاءٌ كَانَ فِي الطَّرَفِ الْأَعْلَى أَوْ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهُ مُتَّحِدٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ حَدٌّ مِنْ الْكَلَامِ هُوَ أَبْلَغُ مِمَّا عَدَاهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِلْغَيْرِ مُعَارَضَتُهُ وَالْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ بِخِلَافِ سِحْرِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَضْبِطُهُ
[التَّعْرِيفُ إمَّا حَقِيقِيٌّ وَإِمَّا اسْمِيٌّ]
[تَعْرِيفُ أُصُولِ الْفِقْهِ بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ]
قَوْلُهُ (أُصُولُ الْفِقْهِ) الْكِتَابُ مُرَتَّبٌ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَقِسْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ إمَّا مَقَاصِدُ الْفَنِّ أَوْ لَا الثَّانِي الْمُقَدِّمَةُ وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَحْثُ فِيهِ عَنْ الْأَدِلَّةِ، وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ عَنْ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي، إذْ لَا يُبْحَثُ فِي هَذَا الْفَنِّ عَنْ غَيْرِهِمَا وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، وَهُوَ مُذَيَّلٌ بِبَابَيْ التَّرْجِيحِ وَالِاجْتِهَادِ وَالثَّانِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ فِي الْحُكْمِ وَالْمَحْكُومِ بِهِ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَسَتَعْرِفُ بَيَانَ الِانْحِصَارِ وَالْمُقَدِّمَةُ مَسُوقَةٌ لِتَعْرِيفِ الْعِلْمِ وَتَحْقِيقِ مَوْضُوعِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الطَّالِبِ لِلْكَثْرَةِ الْمَضْبُوطَةِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ يَعْرِفَهَا بِتِلْكَ الْجِهَةِ لِيَأْمَنَ مِنْ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ وَالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهِ وَكُلُّ عِلْمٍ هُوَ كَثْرَةٌ مَضْبُوطَةٌ بِتَعْرِيفِهِ الَّذِي بِهِ يَتَمَيَّزُ عِنْدَ الطَّالِبِ وَمَوْضُوعُهُ الَّذِي بِهِ يَمْتَازُ فِي نَفْسِهِ عَنْ سَائِرِ الْعُلُومِ فَحِينَ تَشَوَّفَتْ نَفْسُ السَّامِعِ إلَى التَّعْرِيفِ لِيَتَمَيَّزَ الْعِلْمُ عِنْدَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الَّذِي أَذْكُرُهُ أُصُولُ الْفِقْهِ إغْنَاءً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute