للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا تَعْرِيفُهَا بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفِ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَالَ (الْأَصْلُ مَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ) فَالِابْتِنَاءُ شَامِلٌ لِلِابْتِنَاءِ الْحِسِّيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالِابْتِنَاءِ الْعَقْلِيِّ وَهُوَ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى دَلِيلِهِ (وَتَعْرِيفُهُ بِالْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لَا يَطَّرِدُ) وَقَدْ عَرَّفَهُ الْإِمَامُ

ــ

[التلويح]

لِلسَّامِعِ عَنْ السُّؤَالِ وَقَالَ عَنْ لِسَانِهِ أُصُولُ الْفِقْهِ مَا هِيَ، ثُمَّ أَخَذَ فِي تَعْرِيفِهِ وَأُصُولُ الْفِقْهِ لَقَبٌ لِهَذَا الْفَنِّ مَنْقُولٌ عَنْ مُرَكَّبٍ إضَافِيٍّ فَلَهُ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ تَعْرِيفٌ قَدَّمَ بَعْضُهُمْ التَّعْرِيفَ اللَّقَبِيَّ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَعْنَى الْعِلْمِيَّ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي الْإِعْلَامِ وَأَنَّهُ مِنْ الْإِضَافِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْبَسِيطِ مِنْ الْمُرَكَّبِ وَالْمُصَنِّفُ قَدَّمَ الْإِضَافِيَّ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ مُقَدَّمٌ وَإِلَى أَنَّ الْفِقْهَ مَأْخُوذٌ فِي التَّعْرِيفِ اللَّقَبِيِّ، فَإِنْ قَدَّمَ تَفْسِيرَهُ أَمْكَنَ ذِكْرُهُ فِي اللَّقَبِيِّ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْعِلْمُ بِالْقَوَاعِدِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا الْفِقْهُ وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَى إيرَادِ تَفْسِيرِهِ تَارَةً فِي اللَّقَبِيِّ وَتَارَةً فِي الْإِضَافِيِّ كَمَا فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمَّا كَانَ أُصُولُ الْفِقْهِ عِنْدَ قَصْدِ الْمَعْنَى الْإِضَافِيِّ جَمْعًا وَعِنْدَ قَصْدِ الْمَعْنَى اللَّقَبِيِّ مُفْرَدًا كَعَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَنُعَرِّفُهَا أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ، وَقَالَ فَالْآنَ نُعَرِّفُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَقَبٌ لِعِلْمٍ مَخْصُوصٍ بِتَذْكِيرِهِ وَاللَّقَبُ عِلْمٌ يُشْعِرُ بِمَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ وَأُصُولُ الْفِقْهِ عِلْمٌ لِهَذَا الْفَنِّ مُشْعِرٌ بِكَوْنِهِ مَبْنَى الْفِقْهِ الَّذِي بِهِ نِظَامُ الْمَعَاشِ وَنَجَاةُ الْمَعَادِ، وَذَلِكَ مَدْحٌ.

قَوْلُهُ (أَمَّا تَعْرِيفُهَا بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفِ الْمُضَافِ) ، وَهُوَ الْأُصُولُ. (وَالْمُضَافِ إلَيْهِ) ، وَهُوَ الْفِقْهُ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمُرَكَّبِ يَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفِ مُفْرَدَاتِهِ الْغَيْرِ الْبَيِّنَةِ ضَرُورَةَ تَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ الْكُلِّ عَلَى مَعْرِفَةِ أَجْزَائِهِ وَيَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفِ الْإِضَافَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْجُزْءِ الصُّورِيِّ إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ مَعْنَى إضَافَةِ الْمُشْتَقِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ اخْتِصَاصُ الْمُضَافِ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِ الْمُضَافِ مَثَلًا دَلِيلُ الْمَسْأَلَةِ مَا يَخْتَصُّ بِهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ دَلِيلًا عَلَيْهَا فَأَصْلُ الْفِقْهِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَبْنِيٌّ لَهُ وَمُسْتَنِدٌ إلَيْهِ فَالْأُصُولُ جَمْعُ أَصْلٍ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَا يُبْنَى عَلَيْهِ الشَّيْءُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُبْتَنَى عَلَيْهِ وَبِهَذَا الْقَيْدِ خَرَجَ أَدِلَّةُ الْفِقْهِ مَثَلًا مِنْ حَيْثُ تُبْتَنَى عَلَى عِلْمِ التَّوْحِيدِ فَإِنَّهَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فُرُوعٌ لَا أُصُولٌ وَقَيْدُ الْحَيْثِيَّةِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَعْرِيفِ الْإِضَافِيَّاتِ إلَّا أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُحْذَفُ لِشُهْرَةِ أَمْرِهِ، ثُمَّ نَقَلَ الْأَصْلَ فِي الْعُرْفِ إلَى مَعَانٍ أُخَرَ، مِثْلُ الرَّاجِحِ وَالْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ وَالدَّلِيلِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا الدَّلِيلُ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ النَّقْلَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْعُدُولِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الِابْتِنَاءَ كَمَا يَشْمَلُ الْحِسِّيَّ كَابْتِنَاءِ السَّقْفِ عَلَى الْجُدْرَانِ وَابْتِنَاءِ أَعَالِي الْجُدْرَانِ عَلَى أَسَاسِهِ وَأَغْصَانِ الشَّجَرِ عَلَى دَوْحَتِهِ كَذَلِكَ يَشْمَلُ الِابْتِنَاءَ الْعَقْلِيَّ كَابْتِنَاءِ الْحُكْمِ عَلَى دَلِيلِهِ فَهَاهُنَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَبِالْإِضَافَةِ إلَى الْفِقْهِ الَّذِي هُوَ مَعْنًى عَقْلِيٌّ يُعْلَمُ أَنَّ الِابْتِنَاءَ هَاهُنَا عَقْلِيٌّ فَيَكُونُ أُصُولُ الْفِقْهِ مَا يُبْنَى هُوَ عَلَيْهِ وَيَسْتَنِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>