للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا هَذَا عَيْبٌ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ تَمَامَ التَّسْلِيمِ، وَكَأَدَاءِ الزُّيُوفِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ صَاحِبُ الْحَقِّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ بَطَلَ حَقُّهُ أَصْلًا؛ لِمَا مَرَّ) .

(وَالْأَدَاءُ الَّذِي يُشْبِهُ الْقَضَاءَ كَمَا إذَا أَمْهَرَ أَبَاهَا فَاسْتَحَقَّ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ أَبُ الْمَرْأَةِ عَبْدَ الرَّجُلِ فَتَزَوَّجَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ أَبُوهَا فَاسْتُحِقَّ (حَتَّى وَجَبَتْ قِيمَتُهُ) لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ (وَلَمْ يَقْضِ بِهَا الْقَاضِي حَتَّى مَلَكَهُ ثَانِيًا فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَيْنُ حَقِّهَا أَدَاءٌ) أَيْ تَسْلِيمُ الزَّوْجِ إلَيْهَا أَدَاءٌ (فَلَا يَمْلِكُ مَنْعَهُ) أَيْ إذَا طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ أَنْ يُسَلِّمَ أَبَاهَا إلَيْهَا لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهَا (وَمِنْ

ــ

[التلويح]

أَدَاءٌ لِوُرُودِهِ عَلَى عَيْنِ مَا غَصَبَ أَوْ بَاعَ لَكِنَّهُ قَاصِرٌ لِكَوْنِهِ لَا عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى قُصُورِ الْأَدَاءِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ فَقُتِلَ لِتِلْكَ الْجِنَايَةِ اُنْتُقِضَ الْقَبْضُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَقْبِضْهُ فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ يَدَيْ الْمُشْتَرِي زَالَتْ عَنْ الْمَبِيعِ بِسَبَبٍ كَانَتْ إزَالَتُهَا بِهِ مُسْتَحَقَّةً فِي يَدِ الْبَائِعِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَحَقَّهُ مَالِكٌ أَوْ مُرْتَهِنٌ أَوْ صَاحِبُ دَيْنٍ، وَهَذَا اسْتِحْقَاقٌ فَوْقَ الْعَيْبِ.

وَعِنْدَهُمَا الشَّغْلُ بِالْجِنَايَةِ عَيْبٌ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ بَلْ أَشَدُّ، وَالْعَيْبُ لَا يَمْنَعُ تَمَامَ التَّسْلِيمِ فَالْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ بَلْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْعَبْدُ حَلَالَ الدَّمِ، وَحَرَامَ الدَّمِ فَيَرْجِعُ بِتَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ فَفِي لَفْظِ هَلَكَ، وَلَفْظِ التَّسْلِيمِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمُشْتَغِلِ بِالْجِنَايَةِ دُونَ الدَّيْنِ، وَفِي الْمَبِيعِ دُونَ الْمَغْصُوبِ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا رَدَّ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ حَامِلًا.

(قَوْلُهُ وَكَأَدَاءِ الزُّيُوفِ) جَمْعُ زَيْفٍ، وَهُوَ مَا يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ، وَيُرَوَّجُ فِيمَا بَيْنَ التِّجَارَةِ فَلَوْ وَجَبَ عَلَى الْمَدْيُونِ دَرَاهِمُ جِيَادٌ فَأَدَّى زُيُوفًا فَهُوَ مِنْ حَيْثُ تَسْلِيمُ الْوَاجِبِ أَدَاءٌ، وَمِنْ حَيْثُ فَوَاتُ وَصْفِ الْجَوْدَةِ قَاصِرٌ فَرَبُّ الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ عِنْدَ الْقَبْضِ كَوْنَ الْمَقْبُوضِ زُيُوفًا فَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِهِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْأَدَاءَ، وَيُطَالِبَ الْمَدْيُونَ بِالْجِيَادِ إحْيَاءً لِحَقِّهِ فِي الْوَصْفِ، وَإِنْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْجَوْدَةِ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ عَلَى الْمَدْيُونِ بِشَيْءٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْطَالُ الْأَصْلِ بِالْوَصْفِ، وَهَذَا أَدَاءٌ بِأَصْلِهِ إذْ لَا مِثْلَ لِلْوَصْفِ مُنْفَرِدَ الِامْتِنَاعِ قِيَامُهُ بِنَفْسِهِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ الْمَقْبُوضِ، وَيُطَالِبَ الْمَدْيُونَ بِالْجِيَادِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ دُونَ حَقِّهِ وَصْفًا فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمَقْبُوضِ دُونَ حَقِّهِ قَدْرًا، وَامْتَنَعَ الرُّجُوعُ إلَى الْقِيمَةِ لِتَأَدِّيهِ إلَى الرِّبَا فَيَرُدُّ مِثْلَ الْمَقْبُوضِ كَمَا يَرُدُّ عَيْنَهُ إذَا كَانَ قَائِمًا فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ صَاحِبُ الْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ قَيْدًا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْمَقْبُوضِ لَا لِكَوْنِ الْأَدَاءِ قَاصِرًا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ

[الْأَدَاءُ الَّذِي يُشْبِهُ الْقَضَاءَ]

(قَوْلُهُ: وَالْأَدَاءُ الَّذِي يُشْبِهُ الْقَضَاءَ) كَمَا إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ لَهُ هُوَ أَبُو الْمَرْأَةِ فَعَتَقَ الْأَبُ لِتَمَلُّكِ الْمَهْرِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>