للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَسْأَلَةِ الزَّوْجِ مَعَ الْأَبَوَيْنِ، وَالزَّوْجَةِ مَعَ الْأَبَوَيْنِ، وَمَسْأَلَةِ الْفَسْخِ بِالْعُيُوبِ، فَإِنَّ الثَّابِتَ شُمُولُ الْوُجُودِ، أَوْ شُمُولُ الْعَدَمِ فَيَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ أَنَّ شُمُولَ الْوُجُودِ وَشُمُولَ الْعَدَمِ إنْ كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ شَرْعِيٍّ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الِافْتِرَاقُ إبْطَالًا لِلْإِجْمَاعِ نَظِيرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ إجْبَارُ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ عَلَى النِّكَاحِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ فَالْقَوْلُ بِوِلَايَةِ الْأَبِ دُونَ الْجَدِّ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ شُمُولَ الْوُجُودِ، وَشُمُولَ الْعَدَمِ يَشْتَرِكَانِ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَهُوَ وُجُوبُ الْمُسَاوَاةِ فَإِنَّ الْجَدَّ كَالْأَبِ شَرْعًا عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ فَالْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ بِخِلَافِ الزَّوْجِ مَعَ الْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ مَعَ الْأَبَوَيْنِ فَإِنَّ مُسَاوَاةَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِي أَنَّ لِلْأُمِّ ثُلُثَ الْكُلِّ، أَوْ ثُلُثَ الْبَاقِي لَمْ يُعْهَدْ حُكْمًا شَرْعِيًّا، فَكَذَا فِي الْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا لَمْ تُعْهَدْ حُكْمًا شَرْعِيًّا.

وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّابِتُ عِنْدَ الْبَعْضِ الْوُجُودَ فِي أَحَدِهِمَا مَعَ الْعَدَمِ فِي الْأُخْرَى، وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْوُجُودَ فِي كِلَيْهِمَا أَوْ الْعَدَمَ فِي كِلَيْهِمَا كَجَوَازِ النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ فِي الْكَعْبَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَجَوَازَيْهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَجَوَازُ النَّفْلِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ جَوَازِهِمَا أَوْ جَوَازِ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَكَبَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَإِنَّ الثَّانِيَ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - دُونَ الْأَوَّلِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ فَالْمَلَاقِيحُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ بِإِفَادَتِهِمَا الْمِلْكَ أَوْ إفَادَةِ الْمَلَاقِيحِ لَا الْبَيْعِ بِالشَّرْطِ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَهَذَا غَايَةُ التَّحْقِيقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

(وَأَمَّا الثَّانِي فَفِي أَهْلِيَّةِ مَنْ يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجْمَاعُ، وَهِيَ لِكُلِّ مُجْتَهِدٍ لَيْسَ فِيهِ فِسْقٌ وَلَا بِدْعَةٌ فَإِنَّ الْفِسْقَ فِيهِ

ــ

[التلويح]

إلَيْهَا لَيْسَ مِنْ الْأُمَّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَهُوَ مِنْ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ دُونَ الْمُتَابَعَةِ كَالْكُفَّارِ، وَمُطْلَقُ الِاسْمِ لِأُمَّةِ الْمُتَابَعَةِ الْمَشْهُودِ لَهَا بِالْعِصْمَةِ.

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ صَاحِبُ الْبِدْعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ يَدْعُو إلَيْهَا وَلَكِنَّهُ مَشْهُورٌ بِهَا فَقِيلَ لَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَضِلُّ فِيهِ، وَأَمَّا فِيمَا سِوَاهُ فَيُعْتَدُّ بِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُظْهِرًا لَهَا فَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ أَصْلًا، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَ.

(قَوْلُهُ: بِالتَّعَصُّبِ) هُوَ عَدَمُ قَبُولِ الْحَقِّ عِنْدَ ظُهُورِ الدَّلِيلِ بِنَاءً عَلَى مَيْلٍ إلَى جَانِبٍ. (قَوْلُهُ: لَا يَكْفُرُ بِالْمُخَالَفَةِ) يَعْنِي: فِي صُورَةِ عَدَمِ تَمَامِ الْإِجْمَاعِ بِنَاءً عَلَى بَقَاءِ مُخَالِفٍ وَاحِدٍ

[الْأَمْرُ الثَّالِثُ شُرُوطُ الْإِجْمَاعِ]

(قَوْلُهُ: انْقِرَاضُ الْعَصْرِ) عِبَارَةٌ عَنْ مَوْتِ جَمِيعِ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي وَقْتِ نُزُولِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى حُكْمٍ فِيهَا، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ جَوَازُ الرُّجُوعِ قَبْلَ الِانْقِرَاضِ لَا دُخُولُ مَنْ سَيَحْدُثُ، وَقِيلَ: جَوَازُ الرُّجُوعِ، وَدُخُولُ مَنْ أَدْرَكَ عَصْرَهُمْ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي إجْمَاعِهِمْ أَيْضًا، وَعِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالِاشْتِرَاطِ يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ لَكِنْ لَا يَبْقَى حُجَّةً بَعْدَ الرُّجُوعِ وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ مَعَ احْتِمَالِ الرُّجُوعِ.

(قَوْلُهُ: فَجَعَلُوا الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ مَانِعًا) يَعْنِي: إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِ الْبَحْثِ عَنْ الْمَأْخَذِ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْمُنَاظَرَةِ بَلْ عَلَى أَنْ يَعْتَقِدَ كُلٌّ حَقِّيَّةَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَانِعًا وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

<<  <  ج: ص:  >  >>