مَعْنَاهُ مُطَابَقَةَ تَمَامِ الْمُرَادِ فِي زِيَادَةِ وُضُوحِ الدَّلَالَةِ أَوْ نُقْصَانِ وُضُوحِ الدَّلَالَةِ فَإِنَّ دَلَالَةَ الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى مَعَانِيهَا تَكُونُ عَلَى نَهْجٍ وَاحِدٍ فَإِنْ حَاوَلْت أَنْ تُؤَدِّيَ الْمَعْنَى بِدَلَالَةٍ أَوْضَحَ مِنْ لَفْظِ الْحَقِيقَةِ أَوْ أَخْفَى مِنْهُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَسْتَعْمِلَ لَفْظَ الْمَجَازِ فَإِنَّ الْمَجَازَاتِ مُتَكَثِّرَةٌ فَبَعْضُهَا أَوْضَحُ فِي الدَّلَالَةِ وَبَعْضُهَا أَخْفَى. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ دَلَالَةُ لَفْظِ الْمَجَازِ أَوْضَحَ مِنْ دَلَالَةِ لَفْظِ الْحَقِيقَةِ بَلْ الْمَجَازُ مُخِلٌّ بِالْفَهْمِ قُلْنَا لَمَّا كَانَتْ الْقَرِينَةُ مَذْكُورَةً ارْتَفَعَ الْإِخْلَالُ بِالْفَهْمِ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِنْهُ أَمْرًا مَحْسُوسًا وَيَكُونُ أَشْهَرَ الْمَحْسُوسَاتِ الْمُتَّصِفَةِ بِالْمَعْنَى الْمَطْلُوبِ وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ مَعْقُولًا كَانَ الْمَجَازُ أَوْضَحَ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَأَيْضًا مَا ذُكِرَ أَنَّ ذِكْرَ الْمَلْزُومِ بَيِّنَةٌ عَلَى وُجُودِ اللَّازِمِ وَأَنَّ الْمَجَازَ يُوجِبُ سُرْعَةَ التَّفَهُّمِ يُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِعِبَارَةِ لِسَانِهِ كُنْهَ مَا فِي قَلْبِهِ فَإِنَّك إذَا أَرَدْت وَصْفَ الشَّيْءِ بِالسَّوَادِ عَلَى مِقْدَارٍ مَخْصُوصٍ فَأَصْلُ الْمُرَادِ أَنْ تَصِفَهُ بِالسَّوَادِ وَتَمَامُ الْمُرَادِ أَنْ تَصِفَهُ بِالسَّوَادِ الْمَخْصُوصِ فَاللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ يَدُلُّ عَلَى أَصْلِ الْمُرَادِ لَكِنْ لَا يَدُلُّ عَلَى تَمَامِ الْمُرَادِ وَهُوَ بَيَانُ كَمِّيَّةِ السَّوَادِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُذْكَرَ شَيْءٌ يَعْرِفُ بِهِ السَّامِعُ كَمِّيَّةَ سَوَادِهِ فَيُشَبَّهَ بِهِ أَوْ يُسْتَعَارَ لَهُ لِيَتَبَيَّنَ لِلسَّامِعِ تَمَامُ الْمُرَادِ (أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ) بِالرَّفْعِ أَيْضًا أَيْ يَكُونُ الدَّاعِي إلَى الْمَجَازِ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ (مِمَّا ذَكَرْنَا فِي مُقَدَّمَةِ كِتَابِ الْوِشَاحِ وَفِي فَصْلَيْ التَّشْبِيهِ وَالْمَجَازِ) فَإِنِّي قَدْ ذَكَرْت فِي مُقَدَّمَتِهِ وَفِي فَصْلِ
ــ
[التلويح]
وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بِالدَّلَالَاتِ الْوَضْعِيَّةِ وَالْأَلْفَاظِ الْحَقِيقِيَّةِ لِتَسَاوِيهَا فِي الدَّلَالَةِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْوَضْعِ، وَعُدَّ مِنْهَا عِنْدَ عَدَمِهِ، وَإِنَّمَا يُمْكِنُ بِالدَّلَالَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْأَلْفَاظِ الْمَجَازِيَّةِ لِاخْتِلَافِ مَرَاتِبِ اللُّزُومِ فِي الْوُضُوحِ وَالْخَفَاءِ فَإِذَا قُصِدَ مُطَابَقَةُ تَمَامِ الْمُرَادِ وَتَأْدِيَةُ الْمَعْنَى بِالْعِبَارَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي الْوُضُوحِ وَالْخَفَاءِ يُعْدَلُ عَنْ الْحَقِيقَةِ إلَى الْمَجَازِ لِيَتَيَسَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ كَوْنِ بَعْضِ الْمَجَازَاتِ أَوْضَحَ دَلَالَةً مِنْ الْحَقِيقَةِ كَمَا الْتَزَمَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَبَيَّنَهُ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلَّفْظِ مَحْسُوسًا مَشْهُورًا كَالشَّمْسِ وَالنُّورِ، وَالْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ مَعْقُولًا كَالْحَاجَةِ وَالْعِلْمِ كَانَ الْمَجَازُ أَوْضَحَ دَلَالَةً عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْ الْحَقِيقَةِ عَلَى أَنَّ فِيهِ بَحْثًا، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمَعْنَى مَا يُقْصَدُ بِاللَّفْظِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا كَالْحُجَّةِ أَوْ الْعِلْمِ مَثَلًا فَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ دَلَالَةَ اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لَهُ عَلَيْهِ أَوْضَحُ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْوَضْعِ مِنْ دَلَالَةِ لَفْظِ الشَّمْسِ وَالنُّورِ، وَلَوْ مَعَ أَلْفِ قَرِينَةٍ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَعْنَى الْجَامِعَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَعَارِ لَهُ فَلَيْسَ لَفْظُ الْمُسْتَعَارِ مِنْهُ حَقِيقَةً فِيهِ، وَلَا لَفْظُ الْمُسْتَعَارِ لَهُ، وَهُوَ فِي الْمُسْتَعَارِ مِنْهُ أَوْضَحُ وَأَشْهَرُ فَلَا مَعْنَى لِاسْتِبْعَادِ كَوْنِ دَلَالَةِ الْمَجَازِ عَلَيْهِ أَوْضَحَ فَلَا حَاجَةَ فِي إثْبَاتِهِ إلَى اعْتِبَارِ كَوْنِ الْمُسْتَعَارِ مِنْهُ مَحْسُوسًا، وَالْمُسْتَعَارِ لَهُ مَعْقُولًا
[فَصْلٌ الِاسْتِعَارَةُ التَّبَعِيَّةُ فِي الْحُرُوفِ]
[حُرُوف الْمَعَانِي]
(قَوْلُهُ فَصْلٌ) قَدْ سَبَقَ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ فِي الْأَفْعَالِ، وَالصِّفَاتِ الْمُشْتَقَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute