عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْقِصَاصَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْكَمَالِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الِاجْتِهَادِ) فَإِنَّ عِنْدَ الْبَعْضِ لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ فَصَارَ هَذَا شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقِصَاصِ عَنْ قَاتِلِ الْقَاتِلِ (وَكَذَا الْمُحْتَجِمُ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ، فَأَكَلَ عَمْدًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» صَارَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْكَفَّارَةِ إذْ هَذِهِ الْكَفَّارَةُ مِمَّا يَنْدَرِئُ بِالشُّبْهَةِ وَكَذَا الْقِصَاصُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (وَمَنْ زَنَى بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ أَوْ وَالِدِهِ بِظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الِاشْتِبَاهِ فَتَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ) حَتَّى يَنْدَرِئَ الْحَدُّ بِهَذِهِ الشُّبْهَةِ (إلَّا فِي النَّسَبِ، وَالْعِدَّةِ) أَيْ: لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ بِهَذِهِ الشُّبْهَةِ، وَإِنْ كَانَا يَثْبُتَانِ بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ. (وَكَذَا حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ فَدَخَلَ دَارَنَا فَشَرِبَ خَمْرًا جَاهِلًا بِالْحُرْمَةِ) أَيْ: لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ جَهْلَهُ يَكُونُ شُبْهَةً (لَا إنْ زَنَى هُوَ) أَيْ: زَنَى حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ حَيْثُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّ جَهْلَهُ فِي حُرْمَةِ الزِّنَا لَا يَكُونُ شُبْهَةً؛ لِأَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ (أَوْ شَرِبَ ذِمِّيٌّ أَسْلَمَ) أَيْ: يَجِبُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْخَمْرِ شَائِعَةٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالذِّمِّيُّ سَاكِنٌ فِيهَا فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ بِحُرْمَةِ الْخَمْرِ فَلَا يَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ (، وَأَمَّا جَهْلٌ يَصْلُحُ عُذْرًا) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ الْجَهْلِ (كَجَهْلِ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ بِالشَّرَائِعِ وَكَذَا إذَا نَزَلَ خِطَابٌ، وَلَمْ يَنْتَشِرْ بَعْدَ فِي دَارِنَا كَمَا فِي قِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ) فَإِنَّهُمْ إذْ بَلَغَهُمْ تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ وَكَانُوا فِي الصَّلَاةِ اسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ فَاسْتَحْسَنَ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
ــ
[التلويح]
فَاحِشٍ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ أَصْلًا، وَإِنَّمَا صَرَّحَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُشْتُهِرَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ نَقْلًا عَنْ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَكِنْ يَكُونُ لَهَا الْفَسْخُ، وَهَكَذَا أَوْرَدَهُ فِي شَرْحِهِ لِلْوِقَايَةِ، وَلَا يُوجَدُ لَهُ رِوَايَةٌ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ وَاجِبٌ عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الْبِكْرِ، وَتَقْرِيرُ الْقَوْمِ أَنَّ جَهْلَ الْبِكْرِ بِالْخِيَارِ لَيْسَ بِعُذْرٍ لِاشْتِهَارِ الْعِلْمِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَعَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ التَّعَلُّمِ فِي جَانِبِهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ فَإِنَّ اشْتِغَالَهَا بِخِدْمَةِ السَّيِّدِ مَانِعٌ، وَعَلَى هَذَا الْإِيرَادِ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْبِكْرَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَمْ تُكَلَّفْ بِالشَّرَائِعِ لَا سِيَّمَا بِالْمَسَائِلِ الْخَفِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يُشْتَرَطَ لِلْقَضَاءِ ثَمَّةَ) أَيْ: فِي فَسْخِ الْبِكْرِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا هُنَا أَيْ: لَا فِي فَسْخِ الْمُعْتَقَةِ؛ لِأَنَّ فَسْخَ الْبِكْرِ لِلْإِلْزَامِ عَلَى الْغَيْرِ، وَتَوَهُّمِ تَرْكِ النَّظَرِ مِنْ الْوَلِيِّ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْفَسْخِ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَرِثُهُ الْآخَرُ، وَفَسْخُ الْمُعْتَقَةِ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ زِيَادَةِ الْمِلْكِ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ إلَّا بِدَفْعِ أَصْلِ الْمِلْكِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقَضَاءِ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُبْطِلُ حَقًّا مُشْتَرَكًا لِدَفْعِ زِيَادَةِ حَقٍّ عَلَيْهَا، وَالزَّوْجُ يُثْبِتُ زِيَادَةَ حَقٍّ عَلَيْهَا لِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ مُشْتَرَكٍ فَلِهَذَا جَعَلْنَا الدَّفْعَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ قَصْدًا، وَإِبْطَالَ الْمِلْكِ ضِمْنًا، وَفِي حَقِّ الزَّوْجِ زِيَادَةُ الْمِلْكِ أَصْلًا، وَاسْتِيفَاءً ضِمْنًا
[السُّكْرُ]
. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) أَيْ:، وَمِنْ الْعَوَارِضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute