الْمَاءِ وَالْآخَرُ بِطَهَارَتِهِ فَإِنْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْحَالِ فَإِخْبَارُ النَّجَاسَةِ أَوْلَى وَإِنْ تَمَسَّكَ بِالدَّلِيلِ كَانَ مِثْلَ الْإِثْبَاتِ. (وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَتَفَرَّعُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ) .
(وَأَمَّا فِي الْقِيَاسِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَفِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَعْنَاهُ إذَا تَعَارَضَ قِيَاسَانِ (فَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّسْخِ. وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ فِيمَا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ كَالْقِيَاسِ فَيَأْخُذُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ) مِنْ الْقِيَاسَيْنِ، وَكَذَا يَأْخُذُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ مِنْ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ وَالْقِيَاسِ (بَعْدَ شَهَادَةِ قَلْبِهِ، وَلَا يَسْقُطَانِ بِالتَّعَارُضِ كَمَا يَسْقُطُ النَّصَّانِ حَتَّى يُعْمَلَ بَعْدَهُ بِظَاهِرِ الْحَالِ إذْ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي تَعَارُضِ النَّصَّيْنِ (إنَّمَا يَقَعُ التَّعَارُضُ لِلْجَهْلِ الْمَحْضِ بِالنَّاسِخِ مِنْهُمَا، فَلَا يَصِحُّ عَمَلُهُ بِأَحَدِهِمَا مَعَ الْجَهْلِ وَهُنَا) أَيْ فِي الْقِيَاسَيْنِ (لَيْسَ) أَيْ التَّعَارُضُ (لِجَهْلٍ مَحْضٍ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُجْتَهِدَ، وَهُوَ لَمْ يُذْكَرْ لَفْظًا بَلْ دَلَالَةً (فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاجْتِهَادَيْنِ مُصِيبٌ بِالنَّظَرِ إلَى الدَّلِيلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصِيبًا بِالنَّظَرِ إلَى الْمَدْلُولِ عَلَى مَا يَأْتِي فَكُلُّ وَاحِدٍ دَلِيلٌ لَهُ فِي حَقِّ الْعَمَلِ) .
(فَصْلٌ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ فَعَلَيْك اسْتِخْرَاجُهُ مِنْ مَبَاحِثِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَتْنًا وَسَنَدًا) أَمَّا الْمَتْنُ فَكَتَرْجِيحِ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمُفَسَّرِ عَلَى
ــ
[التلويح]
وَالْحُكْمِ وَالْأَمْرِ الْخَارِجِ وَالْمُرَادُ بِالْمَتْنِ مَا يَتَضَمَّنُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَبِالسَّنَدِ الْإِخْبَارُ عَنْ طَرِيقِ الْمَتْنِ مِنْ تَوَاتُرٍ وَمَشْهُورٍ وَآحَادٍ مَقْبُولٍ أَوْ مَرْدُودٍ فَالْأَوَّلُ كَتَرْجِيحِ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمُفَسَّرِ عَلَى الْمُجْمَلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالثَّانِي يَقَعُ فِي الرَّاوِي كَالتَّرْجِيحِ بِفِقْهِ الرَّاوِي، وَفِي الرِّوَايَةِ كَتَرْجِيحِ الْمَشْهُورِ عَلَى الْآحَادِ، وَفِي الْمَرْوِيِّ كَتَرْجِيحِ الْمَسْمُوعِ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى مَا يَحْتَمِلُ السَّمَاعَ كَمَا إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ الْآخَرُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الْمَرْوِيِّ عَنْهُ كَتَرْجِيحِ مَا لَمْ يَثْبُتْ إنْكَارٌ لِرِوَايَتِهِ عَلَى مَا ثَبَتَ. وَالثَّالِثُ كَتَرْجِيحِ الْحَظْرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ. وَالرَّابِعُ كَتَرْجِيحِ مَا يُوَافِقُ الْقِيَاسَ عَلَى مَا لَا يُوَافِقُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ تَفَاصِيلُ مَذْكُورَةٌ فِي مَوْضِعِهَا
[الْأُمُور الَّتِي ذُكِرَتْ فِي تَرْجِيحِ الْقِيَاسِ]
وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَيَقَعُ فِيهِ التَّرْجِيحُ بِحَسَبِ أَصْلِهِ، أَوْ فَرْعِهِ، أَوْ عِلَّتِهِ، أَوْ أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يُطْلَبُ مِنْ أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَاهُنَا إلَى بَعْضِ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ بِحَسَبِ الْعِلَّةِ كَتَرْجِيحِ قِيَاسٍ عُرِفَ عِلِّيَّةُ الْوَصْفِ فِيهِ بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ عَلَى مَا عُرِفَ عِلِّيَّتُهُ بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ فِي الْإِيمَاءِ يُرَجَّحُ مَا يُفِيدُ ظَنًّا أَغْلَبَ وَأَقْرَبَ إلَى الْقَطْعِ عَلَى غَيْرِهِ وَمَا عُرِفَ بِالْإِيمَاءِ مُطْلَقًا يُرَجَّحُ عَلَى مَا عُرِفَ بِالْمُنَاسَبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاخْتِلَافِ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ أَوْلَى بِتَعْلِيلِ الْأَحْكَامِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّاجِحَ تَأْثِيرُ الْعَيْنِ، ثُمَّ النَّوْعِ، ثُمَّ الْجِنْسِ الْقَرِيبِ، ثُمَّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، وَأَنَّ اعْتِبَارَ شَأْنِ الْحُكْمِ لِكَوْنِهِ الْمَقْصُودَ أَوْلَى وَأَهَمَّ مِنْ اعْتِبَارِ شَأْنِ الْعِلَّةِ وَيُرَجَّحُ تَأْثِيرُ جِنْسِ الْعِلَّةِ فِي نَوْعِ الْحُكْمِ عَلَى تَأْثِيرِ نَوْعِ الْعِلَّةِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، وَعِنْدَ التَّرْكِيبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute