للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّصِّ وَالْمُحْكَمِ عَلَى الْمُفَسَّرِ وَالْحَقِيقَةِ عَلَى الْمَجَازِ وَالصَّرِيحِ عَلَى الْكِنَايَةِ وَالْعِبَارَةِ عَلَى الْإِشَارَةِ وَالْإِشَارَةِ عَلَى الدَّلَالَةِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ، وَأَمَّا السَّنَدُ فَكَتَرْجِيحِ الْمَشْهُورِ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالتَّرْجِيحِ بِفِقْهِ الرَّاوِي وَبِكَوْنِهِ مَعْرُوفًا بِالرِّوَايَةِ (وَالْقِيَاسِ) عَطْفٌ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَمَا عُرِفَ عِلِّيَّتُهُ نَصًّا صَرِيحًا أَوْلَى مِمَّا عُرِفَ إيمَاءً وَمَا عُرِفَ إيمَاءً فَبَعْضُهُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ ثُمَّ مَا عُرِفَ إيمَاءً أَوْلَى مِمَّا عُرِفَ بِالْمُنَاسَبَةِ وَأَيْضًا مَا عُرِفَ بِالْإِجْمَاعِ تَأْثِيرُ نَوْعِهِ فِي نَوْعِهِ أَوْلَى مِمَّا عُرِفَ بِالْإِجْمَاعِ تَأْثِيرُ الْجِنْسِ فِي النَّوْعِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَوْلَى مِنْ الْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ ثُمَّ الْجِنْسُ الْقَرِيبُ فِي الْجِنْسِ الْقَرِيبِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِ الْقَرِيبِ ثُمَّ الْمُرَكَّبُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ أَوْلَى مِنْ الْمُفْرَدِ وَأَقْسَامُ الْمُرَكَّبَاتِ بَعْضُهَا أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، وَمَنْ أَتْقَنَ الْمَبَاحِثَ السَّابِقَةَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

(وَاَلَّذِي ذَكَرُوا فِي تَرْجِيحِ الْقِيَاسِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ قُوَّةٌ لَا أَثَرٌ) أَيْ قُوَّةُ التَّأْثِيرِ كَمَا مَرَّ فِي الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَكَمَا فِي مَسْأَلَةِ طَوْلِ الْحُرَّةِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: يَرِقُّ مَاؤُهُ مَعَ غُنْيَةٍ عَنْهُ، فَلَا يَجُوزُ كَاَلَّذِي تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَقُلْنَا هَذَا نِكَاحٌ يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَهْرًا يَصْلُحُ لِلْحُرَّةِ وَلِلْأَمَةِ

ــ

[التلويح]

مَا يَتَرَكَّبُ مِنْ رَاجِحَيْنِ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُرَكَّبِ مِنْ مَرْجُوحَيْنِ، أَوْ مُسَاوٍ وَمَرْجُوحٍ كَتَقْدِيمِ الْمُرَكَّبِ مِنْ تَأْثِيرِ النَّوْعِ فِي النَّوْعِ وَالْجِنْسِ الْقَرِيبِ فِي النَّوْعِ عَلَى الْمُرَكَّبِ مِنْ تَأْثِيرِ النَّوْعِ فِي الْجِنْسِ الْقَرِيبِ وَالْجِنْسِ الْقَرِيبِ فِي النَّوْعِ. وَفِي الْمُرَكَّبَيْنِ اللَّذَيْنِ يَشْتَمِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى رَاجِحٍ وَمَرْجُوحٍ يُقَدَّمُ مَا يَكُونُ الرَّاجِحُ مِنْهُ فِي جَانِبِ الْحُكْمِ عَلَى مَا يَكُونُ فِي جَانِبِ الْعِلَّةِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَأَقْسَامُ الْمُرَكَّبَاتِ بَعْضُهَا أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ فِي الْمَبَاحِثِ السَّابِقَةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْقَوْمِ بِذِكْرِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ مِمَّا يَقَعُ بِهِ فِي تَرْجِيحِ الْقِيَاسِ وَهِيَ قُوَّةُ الْأَثَرِ وَقُوَّةُ الثَّبَاتِ عَلَى الْحُكْمِ وَكَثْرَةُ الْأُصُولِ وَالْعَكْسُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ) مِنْ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ لِقُوَّةِ أَثَرِهِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ التَّأْثِيرِ إذْ الْعِبْرَةُ لِلتَّأْثِيرِ وَقُوَّتِهِ دُونَ الْوُضُوحِ، أَوْ الْخَفَاءِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ إنَّمَا صَارَ حُجَّةً بِالتَّأْثِيرِ فَالتَّفَاوُتُ فِيهِ يُوجِبُ التَّفَاوُتَ فِي الْقِيَاسِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَصِرْ حُجَّةً بِالْعَدَالَةِ لِتَخْتَلِفَ بِاخْتِلَافِهَا بَلْ بِالْوِلَايَةِ الثَّابِتَةِ بِالْحُرِّيَّةِ وَهِيَ مِمَّا لَا يَتَفَاوَتُ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْعَدَالَةُ لِظُهُورِ جَانِبِ الصِّدْقِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْعَدَالَةَ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ بِالشِّدَّةِ وَالضَّعْفِ؛ لِأَنَّهُ إنْ انْزَجَرَ عَنْ جَمِيعِ مَا يَعْتَقِدُ فِيهِ الْحُرْمَةَ فَعَدْلٌ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي مَسْأَلَةِ طَوْلِ الْحُرَّةِ) أَيْ الْغِنَى وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَزَوُّجِ الْحُرَّةِ وَالْأَصْلُ الطَّوْلُ عَلَى الْحُرَّةِ أَيْ الْفَضْلُ فَاتَّسَعَ فِيهِ بِحَذْفِ حَرْفِ الصِّلَةِ، ثُمَّ أُضِيفَ إضَافَةَ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ فَالْحُرُّ الَّذِي لَهُ طَوْلُ الْحُرَّةِ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا عَلَى الَّذِي تَحْتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>