للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوجِبُ الْحَجْرَ وَلَا يَظْهَرُ أَنَّهُ مَرَضُ الْمَوْتِ إلَّا بِاتِّصَالِهِ بِالْمَوْتِ فَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ يَثْبُتُ الْحَجْرُ مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِ الْمَرَضِ (فِي قَدْرِ مَا يُصَانُ بِهِ حَقُّهُمَا فَقَطْ) أَيْ: حَقُّ الْغَرِيمِ وَالْوَارِثِ، وَقَوْلُهُ فِي قَدْرِ مُتَعَلِّقٍ بِالْحَجْرِ (فَيَجُوزُ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) فَفِي مِقْدَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْوَارِثِ، وَالْغَرِيمِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مُحْتَاجٌ إلَى النِّكَاحِ لِبَقَاءِ نَسْلِهِ، وَفِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ هُوَ إلَيْهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، وَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُمَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَجْرِ عَنْ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ صِيَانَةُ حَقِّهِمَا إذْ لَا حَقَّ لَهُمَا فِيهِ (وَكُلُّ تَصَرُّفٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ يَصِحُّ فِي الْحَالِ ثُمَّ يُنْقَضُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَمَا لَا يَحْتَمِلُهُ) أَيْ: الْفَسْخَ كَالْإِعْتَاقِ (يَصِيرُ كَالْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ) إذْ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ يَنْفُذُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُبْطِلُ حَقَّ الدَّائِنِ، فَيَجِبُ السِّعَايَةُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ يَنْفُذُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُبْطِلُ حَقَّ الْوَارِثِ

ــ

[التلويح]

الْمَوْلَى دَلَالَةً فَصَارَ شَرِيكًا بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ الْقِتَالِ لَا حَالَ الْقِتَالِ أَوْ قَبْلَهُ حَتَّى يَكُونَ الْأَمَانُ إسْقَاطًا لِحَقِّهِ ابْتِدَاءً، ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ حَالَ الْأَمَانِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ) يَعْنِي: إذَا كَانَتْ خَطَأً، وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ، فَيَجِبُ الْقِصَاصُ، وَيَكُونُ هَذَا ضَمَانًا عَلَى الْمَوْلَى بِأَنْ يُقَالَ: عَلَيْك تَسْلِيمُ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ إلَى وَلِيِّهَا صِلَةً فِي جَانِبِ الْمَوْلَى، وَعِوَضًا فِي جَانِبِ الْمُتْلَفِ عَلَيْهِ أَعْنِي: الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ غَيْرَ الْقَتْلِ، وَالْوَرَثَةِ إذَا كَانَتْ الْقَتْلَ فَتَكُونُ رَقَبَةُ الْعَبْدِ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْشِ فَإِنْ قِيلَ الْمَهْرُ يَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِمُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَهُوَ مِلْكُ النِّكَاحِ أَوْ مَنَافِعُ الْبُضْعِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِضَمَانٍ إذْ لَا تَلَفَ، وَلَا صِلَةَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ عِوَضًا عَمَّا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ الْمَنَافِعِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ) فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الْعَبْدِ، وَإِنْ أَفْلَسَ، وَعَجَزَ عَنْ الْفِدَاءِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ أَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُ الثَّابِتُ بِالنَّصِّ، وَإِنَّمَا صِيرَ إلَى الدَّفْعِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلصِّلَةِ، وَقَدْ ارْتَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِاخْتِيَارِ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فَعَادَ الْأَمْرُ إلَى الْأَصْلِ، وَلَمْ يَبْطُلْ بِالْإِفْلَاسِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَصِيرُ اخْتِيَارُ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ بِمَنْزِلَةِ الْحَوَالَةِ كَأَنَّ الْعَبْدَ أَحَالَ بِالْوَاجِبِ عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْجِنَايَةِ أَنْ يُصْرَفَ الْجَانِي إلَيْهَا كَمَا فِي الْعَمْدِ، وَقَدْ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ مِنْ الْحُرِّ لِتَعَذُّرِ الصَّرْفِ فَصَارَ اخْتِيَارُ الْفِدَاءِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْلِ إلَى الْعَارِضِ كَمَا فِي الْحَوَالَةِ فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ عَادَ إلَى الْأَصْلِ

[الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ]

. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْحَيْضُ، وَالنِّفَاسُ) جَعْلُهُمَا مَعًا أَحَدُ الْعَوَارِضِ لِاتِّحَادِهِمَا صُورَةً، وَحُكْمًا، وَهُمَا لَا يُسْقِطَانِ أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ، وَلَا أَهْلِيَّةَ الْأَدَاءِ لِبَقَاءِ الذِّمَّةِ، وَالْعَقْلِ، وَقُدْرَةِ الْبَدَنِ إلَّا أَنَّهُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ أَنَّ الطَّهَارَةَ عَنْهُمَا شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ لِكَوْنِهِمَا مِنْ الْأَحْدَاثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>