للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَقِّهِ وَهُوَ النَّفَلُ لَا فِي حَقِّ الشَّارِعِ) ، فَإِنَّ الْوَقْتَ صَارَ مُتَعَيَّنًا بِتَعْيِينِ النَّاذِرِ فَتَعْيِينُهُ صَارَ مُؤَثِّرٌ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ النَّفَلُ حَتَّى يَقَعَ عَنْ الْمَنْذُورِ بِسَبَبِ أَنَّ الْوَقْتَ مُتَعَيَّنٌ لِلْمَنْذُورِ بِتَعْيِينِهِ لَكِنْ لَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ الشَّارِعِ أَيْ إنْ نَوَى وَاجِبًا آخَرَ لَا يَقَعُ عَنْ الْمَنْذُورِ.

(وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ فَالْوَقْتُ مِعْيَارٌ لَا سَبَبٌ كَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ الْمُطْلَقَةِ، وَالْقَضَاءِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْوَقْتُ مُتَعَيَّنًا لَهَا كَانَ الصَّوْمُ مِنْ عَوَارِضِ الْوَقْتِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ) أَيْ مِنْ النِّيَّةِ فِي اللَّيْلِ بِخِلَافِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّ الْوَقْتَ مُتَعَيَّنٌ فَتَكْفِي النِّيَّةُ الْحَاصِلَةُ فِي الْأَكْثَرِ، وَتَكُونُ النِّيَّةُ التَّقْدِيرِيَّةُ حَاصِلَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ بِنَاءً عَلَى تَعْيِينِ الْوَقْتِ، فَإِنَّ تَعْيِينَ الْوَقْتِ يُوجِبُ كَوْنَهُ صَائِمًا، وَهُنَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الْوَقْتُ فَوَجَبَتْ النِّيَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَأَمَّا النَّفَلُ فَهُوَ الْمَشْرُوعُ الْأَصْلِيُّ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ كَالْفَرْضِ فِي رَمَضَانَ فَتَكْفِي النِّيَّةُ فِي الْأَكْثَرِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ وَهُوَ الْحَجُّ فَيُشْبِهُ الظَّرْفَ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهُ لَا تَسْتَغْرِقُ أَوْقَاتَهُ، وَيُشْبِهُ الْمِعْيَارَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي عَامٍّ وَاحِدٍ إلَّا حَجٌّ وَاحِدٌ، وَلِأَنَّ وَقْتَهُ الْعُمْرُ فَيَكُونُ ظَرْفًا حَتَّى إنْ أَتَى بِهِ بَعْدَ الْعَامِ الْأَوَّلِ يَكُونُ أَدَاءً بِالِاتِّفَاقِ لَكِنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ مُضَيَّقًا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ لَا يَسَعُ إلَّا حَجًّا وَاحِدًا فَيُشْبِهُ الْمِعْيَارَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ بِشَرْطِ

ــ

[التلويح]

وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ الْوَقْتَ فِيهِ لَيْسَ بِسَبَبٍ، وَإِنَّمَا السَّبَبُ هُوَ النَّذْرُ فَلَا يَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي أَيْضًا بَلْ قِسْمًا بِرَأْسِهِ فَلَا تَنْحَصِرُ الْأَقْسَامُ فِي الْأَرْبَعَةِ قُلْنَا: لَيْسَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ إلَّا مَا يَكُونُ الْوَقْتُ فِيهِ مِعْيَارًا لَا سَبَبًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَنْذُورَ الْمُعَيَّنَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ شَبِيهًا بِالْقِسْمِ الثَّانِي فِي تَعْيِينِ الْوَقْتِ، وَقَدْ بَيَّنُوا حُكْمَهُ اقْتَصَرُوا فِي أَمْثِلَةِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَأَحْكَامِهِ عَلَى مَا لَا يَكُونُ لَهُ شَبَهٌ بِالْقِسْمِ الثَّانِي فَقَيَّدُوا النَّذْرَ بِالْمُطْلَقِ لَا يُقَالُ الْوَقْتُ فِي الْمَنْذُورِ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ، وَفِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِعْيَارٌ لَا غَيْرُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّهَارَ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ الصَّوْمِ فَلَا يَكُونُ شَرْطًا، وَالنَّهَارُ الْمُعَيَّنُ خَارِجٌ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ فِي الْمَنْذُورِ الْمُعَيَّنِ فَيَكُونُ شَرْطًا فِيهِ دُونَ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ عَدَمُ شَرْطِيَّةِ الْوَقْتِ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَكُونُ الْوَقْتُ مِعْيَارًا لَا سَبَبًا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِكَوْنِهِ شَرْطًا أَوْ غَيْرَ شَرْطٍ.

[الْقِسْمُ الثَّالِثُ كَوْن الْوَقْت مِعْيَارًا لَا سَبَبًا]

(قَوْلُهُ وَأَمَّا النَّفَلُ) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْرِيرُهُ أَنَّ عَدَمَ تَعَيُّنِ الْوَقْتِ لَوْ كَانَ مُوجِبًا لِلتَّبْيِيتِ لَمَا صَحَّ النَّفَلُ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمَشْرُوعَ الْأَصْلِيَّ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ هُوَ صَوْمُ النَّفْلِ كَالْفَرْضِ فِي رَمَضَانَ فَيَكْفِي اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِالْأَكْثَرِ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْإِمْسَاكَاتِ الْغَيْرَ الْمُقْتَرِنَةِ بِالنِّيَّةِ تَكُونُ مَوْقُوفَةً لِأَجْلِ مَا هُوَ مَشْرُوعُ الْوَقْتِ، وَهُوَ الْفَرْضُ فِي رَمَضَانَ وَالنَّذْرُ فِي يَوْمِ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَالنَّفَلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْوَاجِبَاتُ الْأُخَرُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الْمُحْتَمَلَاتِ، فَإِذَا صَادَفَتْ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ نِيَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>