للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْرُوفٌ وَقَبَضَهُ كَانَ شِرَاؤُهُ فَاسِدًا، وَيُعْتَقُ الْغُلَامُ حِينَ قَبَضَهُ وَيُجْعَلُ فِي هَذَا الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْمُكْرَهِ، فَيَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ بِالْقَبْضِ فَإِذَا مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ فَالْتِزَامُ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ بِالْعَقْدِ مِنْهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي هَذَا الْحُكْمِ مُلْحَقٌ بِالصَّبِيِّ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَى هَذَا الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَا يَسْلَمُ لَهُ أَيْضًا شَيْءٌ مِنْ سِعَايَتِهِ فَتَكُونُ السِّعَايَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَى الْعَبْدِ لِلْبَائِعِ (وَهَذَا الْحَجْرُ عِنْدَهُمَا) أَيْ: الْحَجْرُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ الَّذِي هُوَ بِطَرِيقِ النَّظَرِ (أَنْوَاعٌ إمَّا بِسَبَبِ السَّفَهِ، فَيَنْحَجِرُ بِنَفْسِهِ) أَيْ: بِنَفْسِ السَّفَهِ بِلَا احْتِيَاجٍ إلَى أَنْ يَحْجُرَ الْقَاضِي لَهُ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيَحْجُرُ الْقَاضِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِمَّا بِسَبَبِ الدَّيْنِ بِأَنْ يَخَافَ أَنْ يُلْجِئَ أَمْوَالَهُ) : التَّلْجِئَةُ هِيَ الْمُوَاضَعَةُ الْمَذْكُورَةُ مُفَصَّلَةٌ بِبَيْعٍ أَوْ إقْرَارٍ (فَيُحْجَرُ) عَلَى أَنْ لَا يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ (إلَّا مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا) مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَيُحْجَرُ (وَإِمَّا بِأَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ بَيْعِ مَالِهِ لِقَضَاءِ الدُّيُونِ، فَيَبِيعُ الْقَاضِي فَهَذَا ضَرْبُ حَجْرٍ،) .

(وَمِنْهَا السَّفَرُ وَهُوَ خُرُوجٌ مَدِيدٌ لَا يُنَافِي الْأَهْلِيَّةَ، وَلَا شَيْءَ مِنْ الْأَحْكَامِ لَكِنَّهُ مِنْ

ــ

[التلويح]

فَهَذَا ضَرْبُ حَجْرٍ.

(قَوْلُهُ: التَّلْجِئَةُ هِيَ الْمُوَاضَعَةُ الْمَذْكُورَةُ) أَيْ: فِي أَصْلِ التَّصَرُّفِ أَوْ فِي قَدْرِ الْبَدَلِ أَوْ جِنْسِهِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي بَابِ الْهَزْلِ إلَّا أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا سَابِقَةً، وَالْهَزْلُ قَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ أَخَصُّ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ التَّلْجِئَةُ هِيَ أَنْ يُلْجِئَكَ إلَى أَنْ تَأْتِيَ أَمْرًا بَاطِنًا خِلَافُ ظَاهِرِهِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ مَعْنَى أُلْجِئُ إلَيْك دَارِي أَجْعَلُكَ ظَهْرًا لِأَتَمَكَّنَ بِجَاهِكَ مِنْ صِيَانَةِ مِلْكِي يُقَالُ: الْتَجَأَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ، وَأَلْجَأَ ظَهْرَهُ إلَى كَذَا، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَا مَلْجَأٌ مُضْطَرٌّ إلَى مَا أُبَاشِرُهُ مِنْ الْبَيْعِ مِنْكَ، وَلَسْت بِقَاصِدٍ حَقِيقَةَ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ لَا يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ إلَّا مَعَ الْغُرَمَاءِ) يَعْنِي: فِي الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ فِي يَدِهِ وَقْتَ الْحَجْرِ، وَأَمَّا فِيمَا يُكْتَسَبُ بَعْدَهُ، فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ

[السَّفَرُ]

. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا السَّفَرُ، وَهُوَ خُرُوجٌ مَدِيدٌ) فَإِنْ قُلْت: الْخُرُوجُ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ قُلْت الْمُرَادُ أَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ عُمْرَانَاتِ الْوَطَنِ عَلَى قَصْدِ مَسِيرٍ يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَيَالِيهَا فَمَا فَوْقَهَا بِسَيْرِ الْإِبِلِ، وَمَشْيِ الْأَقْدَامِ.

(قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ) يَعْنِي فِي التَّخْفِيفِ الْحَاصِلِ بِالسَّفَرِ فِي الصَّلَاةِ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ رُخْصَةٌ حَتَّى يَكُونَ الْإِكْمَالُ مَشْرُوعًا، وَعِنْدَنَا أَثَرُهُ فِي إسْقَاطِ الشَّطْرِ حَتَّى يَكُونَ ظُهْرُ الْمُسَافِرِ، وَفَجْرُهُ سَوَاءٌ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ الْأَثَرُ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، وَقَالَ مُقَاتِلٌ «كَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُصَلِّي بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ، وَرَكْعَتَيْنِ بِالْعِشَاءِ فَلَمَّا عُرِجَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ أُمِرَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَصَارَتْ الرَّكْعَتَيْنِ لِلْمُسَافِرِ، وَلِلْمُقِيمِ أَرْبَعٌ» إلَّا أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الثَّانِي أَنَّ حَدَّ النَّافِلَةِ هُوَ مَا يُمْدَحُ فَاعِلُهُ، وَلَا يُذَمُّ تَارِكُهُ شَرْعًا أَوْ مَا هُوَ فِي هَذَا الْمَعْنَى يُصَادِقُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>