مِنْ النَّظَرِ حَقًّا لَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ كَمَا فِي صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ) أَيْ: حَجْرُ السَّفِيهِ بِطَرِيقِ النَّظَرِ (إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ ضَرَرًا فَوْقَهُ وَهُوَ إهْدَارُ الْأَهْلِيَّةِ وَالْعِبَارَةِ، وَالْأَهْلِيَّةُ نِعْمَةٌ أَهْلِيَّةٌ، وَالْيَدُ زَائِدَةٌ، فَيَبْطُلُ قِيَاسُ الْحَجْرِ عَلَى مَنْعِ الْمَالِ ثُمَّ إذَا كَانَ الْحَجْرُ بِطَرِيقِ النَّظَرِ) أَيْ: عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى (يَلْحَقُ فِي كُلِّ حُكْمٍ إلَى مَنْ كَانَ فِي إلْحَاقِهِ إلَيْهِ نَظَرٌ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَرِيضِ، وَالْمُكْرَهِ) أَيْ: الْمَحْجُورِ بِسَبَبِ السَّفَهِ عِنْدَهُمَا إنْ وَلَدَتْ جَارِيَتُهُ فَادَّعَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ كَانَتْ حُرَّةً؛ لِأَنَّ تَوْفِيرَ النَّظَرِ كَانَ فِي إلْحَاقِهِ بِالْمُصْلَحِ فِي حُكْمِ الِاسْتِيلَادِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِإِبْقَاءِ نَسْلِهِ وَصِيَانَةِ مَائِهِ وَيَلْحَقُ فِي هَذَا الْحُكْمِ بِالْمَرِيضِ فَإِنَّ الْمَرِيضَ الْمَدْيُونَ إذَا ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَتِهِ يَكُونُ فِي ذَلِكَ كَالصَّحِيحِ حَتَّى يُعْتَقَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ بِمَوْتِهِ، وَلَا تَسْعَى هِيَ، وَلَا وَلَدُهَا؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى حَقِّ غُرَمَائِهِ وَلَوْ اشْتَرَى هَذَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ ابْنَهُ وَهُوَ
ــ
[التلويح]
فَفِي الِاسْتِيلَادِ يُجْعَلُ كَالْمَرِيضِ حَتَّى يَثْبُتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَفِي مِلْكِ ابْنِهِ بِالشِّرَاءِ، وَالْقَبْضِ يُجْعَلُ كَالْمُكْرَهِ حَتَّى يُعْتَقَ الِابْنُ، وَفِي لُزُومِ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُجْعَلُ كَالصَّبِيِّ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ: فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ سِعَايَةُ الْعَبْدِ لِلْمَحْجُورِ نَظَرًا لَهُ أُجِيبَ بِأَنَّ الْغُنْمَ بِالْغُرْمِ كَمَا أَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ فَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمَحْجُورِ شَيْءٌ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ شَيْءٌ، وَكَانَتْ سِعَايَةُ الْغُلَامِ فِي قِيمَتِهِ لِلْبَائِعِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا الْحَجْرُ) يَعْنِي: الْحَجْرَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ الَّذِي يَكُونُ لِلْمُكَلَّفِ عَنْ التَّصَرُّفَاتِ فِي مَالِهِ نَظَرًا لَهُ قَدْ يَكُونُ بِسَبَبٍ فِي ذَاتِهِ كَالسَّفَهِ، وَقَدْ يَكُونُ بِسَبَبٍ خَارِجٍ كَالدَّيْنِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَخَافَ زَوَالَ قَابِلِيَّةِ الْمَالِ لِلصَّرْفِ إلَى الدُّيُونِ أَوْ يُمْنَعُ الْمَدْيُونُ عَنْ التَّصَرُّفِ فَالْأَوَّلُ أَيْ: الْحَجْرُ بِسَبَبِ السَّفَهِ يَحْصُلُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بِنَفْسِ السَّفَهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الصِّبَا، وَالْجُنُونِ، وَالْعَتَهِ فِي ثُبُوتِ الْحَجْرِ بِهِ نَظَرًا لِلسَّفِيهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يَحْجُرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ النَّظَرِ بِإِبْقَاءِ الْمِلْكِ، وَالضَّرَرِ بِإِهْدَارِ عِبَارَتِهِ فَلَا بُدَّ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مِنْ الْقَضَاءِ، وَالثَّانِي أَنَّ حَجْرَ الْمَدْيُونِ خَوْفًا مِنْ تَلْجِئَةٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي اتِّفَاقًا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ النَّظَرِ لِلْغُرَمَاءِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِمْ، وَيَتِمُّ بِالْقَضَاءِ، وَالثَّالِثُ، وَهُوَ حَجْرُ الْمَدْيُونِ لِامْتِنَاعِهِ عَنْ صَرْفِ الْمَالِ إلَى الدَّيْنِ يَكُونُ بِأَنْ يَبِيعَ الْقَاضِي أَمْوَالَهُ عُرُوضًا كَانَتْ أَوْ عَقَارًا لِمَا رُوِيَ «أَنَّ مُعَاذًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَكِبَتْهُ الدُّيُونُ فَبَاعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَالَهُ، وَقَسَمَ ثَمَنَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ» ، وَلِأَنَّ بَيْعَ مَالِهِ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ، فَيَنُوبُ الْقَاضِي مَنَابَهُ كَمَا إذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الذِّمِّيِّ، وَأَبَى الذِّمِّيُّ أَنْ يَبِيعَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُهُ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْحَجْرُ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute