يَسْتَلْزِمُ أَحَدُهُمَا حُكْمًا غَيْرَ مَذْكُورٍ يُوجِبُ تَقْيِيدَ الْآخَرِ كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ إيجَابُ الْإِعْتَاقِ، وَالثَّانِي نَفْيُ تَمْلِيكِ الْكَافِرَةِ، وَهُمَا حُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ لَكِنَّ نَفْيَ تَمْلِيكِ الْكَافِرَةِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ إعْتَاقِهَا ضَرُورَةَ أَنَّ إيجَابَ الْإِعْتَاقِ يَسْتَلْزِمُ إيجَابَ التَّمْلِيكِ، وَنَفْيُ اللَّازِمِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْمَلْزُومِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ لَا تُعْتِقْ عَنِّي رَقَبَةً كَافِرَةً ثُمَّ هَذَا أَوْجَبَ تَقْيِيدَ الْأَوَّلِ أَيْ إيجَابِ الْإِعْتَاقِ بِالْمُؤْمِنَةِ.
(وَإِنْ اتَّحَدَ) أَيْ الْحُكْمُ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْحَادِثَةُ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ لَا يُحْمَلُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُحْمَلُ) سَوَاءٌ اقْتَضَى الْقِيَاسَ أَوْ لَا (وَبَعْضُهُمْ زَادُوا إنْ اقْتَضَى الْقِيَاسَ) أَيْ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ زَادُوا أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ إنْ اقْتَضَى الْقِيَاسَ حَمَلَهُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ اتَّحَدَتْ) أَيْ الْحَادِثَةُ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ مَثَلًا فَإِنْ دَخَلَا عَلَى السَّبَبِ نَحْوُ «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ، وَعَبْدٍ أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» ) أَيْ دَخَلَ النَّصُّ الْمُطْلَقُ، وَالْمُقَيَّدُ عَلَى السَّبَبِ فَإِنَّ الرَّأْسَ سَبَبٌ لِوُجُودِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَقَدْ، وَرَدَ نَصَّانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنَّ الرَّأْسَ الْمُطْلَقَ سَبَبٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ، وَعَبْدٍ» ، وَيَدُلُّ الْآخَرُ أَنَّ رَأْسَ الْمُسْلِمِ سَبَبٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ، وَعَبْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» (لَمْ يُحْمَلْ عِنْدَنَا بَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إذْ لَا تَنَافِيَ فِي الْأَسْبَابِ) بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُطْلَقُ سَبَبًا، وَالْمُقَيَّدُ سَبَبًا.
(خِلَافًا لَهُ) أَيْ لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ لَمْ يُحْمَلْ عِنْدَنَا.
(وَإِنْ دَخَلَا) أَيْ الْمُطْلَقُ، وَالْمُقَيَّدُ (عَلَى الْحُكْمِ) فِي صُورَةِ اتِّحَادِ الْحَادِثَةِ (نَحْوُ {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: ١٩٦] مَعَ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ) فَإِنَّ
ــ
[التلويح]
أَفْرَادِ الْعَامِّ يُعْلَمُ دُخُولُهُ تَحْتَ الْإِرَادَةِ قَطْعًا بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ لِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ فَائِدَةَ نَقْلِ السَّبَبِ لَا تَنْحَصِرُ فِي خُصُوصِ الْحُكْمِ بِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ نَفْسُ مَعْرِفَةِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْآيَاتِ، وَوُرُودِ الْأَحَادِيثِ، وَوُجُوهِ الْقَصَصِ فَائِدَةً، وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّ مَعْنَى الْمُطَابَقَةِ هُوَ الْكَشْفُ عَنْ السُّؤَالِ، وَبَيَانُ حُكْمِهِ، وَقَدْ حَصَلَ مَعَ الزِّيَادَةِ، وَلَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْمُطَابَقَةِ بِمَعْنَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ
[فَصْلٌ حُكْمُ الْمُطْلَقِ]
(قَوْلُهُ: فَصْلٌ) ذِكْرُ الْمُطْلَقِ، وَالْمُقَيَّدِ عَقِيبَ الْعَامِّ، وَالْخَاصِّ لِمُنَاسَبَتِهِمَا إيَّاهُمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُطْلَقَ هُوَ الشَّائِعُ فِي جِنْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ حِصَّةٌ مِنْ الْحَقِيقَةِ مُحْتَمِلَةُ الْحِصَصِ كَثِيرَةٌ مِنْ غَيْرِ شُمُولٍ، وَلَا تَعْيِينٍ، وَالْمُقَيَّدُ مَا أُخْرِجَ عَنْ الشُّيُوعِ بِوَجْهٍ مَا كَرَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أُخْرِجَتْ عَنْ شُيُوعِ الْمُؤْمِنَةِ، وَغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ شَائِعَةً فِي الرَّقَبَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَضَبْطُ الْفَصْلِ أَنَّهُ إذَا أَوْرَدَ الْمُطْلَقَ، وَالْمُقَيَّدَ لِبَيَانِ الْحُكْمِ فَإِمَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْحُكْمُ أَوْ يَتَّحِدَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ مُوجِبًا لِتَقْيِيدِ الْآخَرِ أَجْرَى الْمُطْلَقَ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَالْمُقَيَّدَ عَلَى تَقْيِيدِهِ مِثْلُ أَطْعِمْ رَجُلًا، وَاكْسُ رَجُلًا عَارِيًّا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوجِبًا لِتَقْيِيدِ الْآخَرِ بِالذَّاتِ مِثْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute