للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَوَابٌ قَطْعًا (وَنَحْوُ تَعَالَ تَغَدَّ مَعِي فَقَالَ إنْ تَغَدَّيْت فَكَذَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ) هَذَا نَظِيرُ الْمُسْتَقِلِّ الَّذِي الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَوَابٌ (وَنَحْوُ إنْ تَغَدَّيْت الْيَوْمَ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَى قَدْرِ الْجَوَابِ) هَذَا نَظِيرُ الْمُسْتَقِلِّ الَّذِي الظَّاهِرُ أَنَّهُ ابْتِدَاءٌ مَعَ احْتِمَالِ الْجَوَابِ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ لَفْظَ نَحْوِ فَهُوَ نَظِيرُ قِسْمٍ وَاحِدٍ.

(فَفِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يُحْمَلُ عَلَى الْجَوَابِ، وَفِي الرَّابِعِ يُحْمَلُ عَلَى الِابْتِدَاءِ عِنْدَنَا حَمْلًا لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْإِفَادَةِ، وَلَوْ قَالَ عَنَيْت الْجَوَابَ صُدِّقَ دِيَانَةً، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُحْمَلُ عَلَى الْجَوَابِ) ، وَهَذَا مَا قِيلَ إنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ عِنْدَنَا فَإِنَّ الصَّحَابَةَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ تَمَسَّكُوا بِالْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةِ فِي حَوَادِثَ خَاصَّةٍ.

(فَصْلٌ حُكْمُ الْمُطْلَقِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا أَنَّ الْمُقَيَّدَ عَلَى تَقْيِيدِهِ فَإِذَا، وَرَدَا) أَيْ الْمُطْلَقُ، وَالْمُقَيَّدُ.

(فَإِنْ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ لَمْ يُحْمَلْ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إلَّا فِي مِثْلِ قَوْلِنَا أَعْتِقْ عَنِّي رَقَبَةً، وَلَا تُمَلِّكْنِي رَقَبَةً كَافِرَةً فَالْإِعْتَاقُ يَتَقَيَّدُ بِالْمُؤْمِنَةِ) أَيْ إلَّا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ الْحُكْمَانِ الْمَذْكُورَانِ مُخْتَلِفَيْنِ لَكِنْ

ــ

[التلويح]

جَوَابِ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا إقْرَارًا إلَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ هُوَ الْعُرْفُ حَتَّى يُقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ فَيَكُونَ إقْرَارًا فِي جَوَابِ الْإِيجَابِ، وَالنَّفْيِ اسْتِفْهَامًا أَوْ خَبَرًا.

(قَوْلُهُ: حَمْلًا لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْإِفَادَةِ) يَعْنِي لَوْ قَالَ إنْ تَغَدَّيْت الْيَوْمَ فَكَذَا فِي جَوَابِ تَعَالَ تَغَدَّ مَعِي يُجْعَلُ كَلَامُهُ مُبْتَدَأً حَتَّى يَحْنَثَ بِالتَّغَدِّي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ذَلِكَ الْغَدَاءَ الْمَدْعُوَّ إلَيْهِ أَوْ غَيْرَهُ مَعَهُ أَوْ بِدُونِهِ لِأَنَّ فِي حَمْلِهِ عَلَى الِابْتِدَاءِ اعْتِبَارَ الزِّيَادَةِ الْمَلْفُوظَةِ الظَّاهِرَةِ، وَإِلْغَاءَ الْحَالِ الْمُبَطَّنَةِ، وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْجَوَابِ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعَمَلَ بِالْحَالِ دُونَ الْعَمَلِ بِالْمَقَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ دِيَانَةً) لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: إنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ) لِأَنَّ التَّمَسُّكَ إنَّمَا هُوَ بِاللَّفْظِ، وَهُوَ عَامٌّ، وَخُصُوصُ السَّبَبِ لَا يُنَافِي عُمُومَ اللَّفْظِ، وَلَا يَقْتَضِي اقْتِصَارَهُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ اُشْتُهِرَ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةِ فِي حَوَادِثَ، وَأَسْبَابٍ خَاصَّةٍ مِنْ غَيْرِ قَصْرٍ لَهَا عَلَى تِلْكَ الْأَسْبَابِ فَيَكُونُ إجْمَاعًا عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ كَآيَةِ الظُّهُورِ نَزَلَتْ فِي خَوْلَةَ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَآيَةِ اللِّعَانِ فِي هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَآيَةِ السَّرِقَةِ فِي سَرِقَةِ رِدَاءِ صَفْوَانَ أَوْ فِي سَرِقَةِ الْمِجَنِّ، وَكَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» ، وَرَدَ فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ» ، وَرَدَ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ عَنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ عَامًّا لِلسَّبَبِ، وَغَيْرِهِ لَجَازَ تَخْصِيصُ السَّبَبِ عَنْهُ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْعَامِّ إلَى جَمِيعِ الْأَفْرَادِ عَلَى السَّوِيَّةِ، وَلَمَّا كَانَ لِنَقْلِ السَّبَبِ فَائِدَةٌ، وَلَمَّا طَابَقَ الْجَوَابُ السُّؤَالَ لِأَنَّهُ عَامٌّ، وَالسُّؤَالُ خَاصٌّ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>