للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الرُّكْنُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ وَهِيَ تُطْلَقُ عَلَى قَوْلِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَلَى فِعْلِهِ، وَالْحَدِيثُ مُخْتَصٌّ بِقَوْلِهِ: وَالْأَقْسَامُ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي كِتَابٍ) كَالْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَالْمُشْتَرَكِ إلَى آخِرِهَا وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ثَابِتَةٌ هَهُنَا أَيْضًا فَلَا نَشْتَغِلُ بِهَا، وَإِنَّمَا بَحْثُنَا فِي بَيَانِ الِاتِّصَالِ بِالرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَنَبْحَثُ فِي أُمُورٍ: فِي كَيْفِيَّةِ الِاتِّصَالِ، وَفِي الِانْقِطَاعِ، وَفِي مَحَلِّ الْخَبَرِ، وَفِي كَيْفِيَّةِ السَّمَاعِ وَالضَّبْطِ وَالتَّبْلِيغِ، وَفِي الطَّعْنِ.

(فَصْلٌ) فِي الِاتِّصَالِ الْخَبَرُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ رُوَاتُهُ فِي كُلِّ

ــ

[التلويح]

[الرُّكْنُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ] [فَصْلٌ اتِّصَالُ الْخَبَرِ] [التَّوَاتُرُ يُوجِبُ عِلْمَ الْيَقِينِ]

قَوْلُهُ: (الرُّكْنُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ وَهِيَ) فِي اللُّغَةِ: الطَّرِيقَةُ وَالْعَادَةُ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ فِي الْعِبَادَاتِ النَّافِلَةِ وَفِي الْأَدِلَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا مَا صَدَرَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - غَيْرُ الْقُرْآنِ مِنْ قَوْلٍ وَيُسَمَّى الْحَدِيثَ أَوْ فِعْلٍ أَوْ تَقْرِيرٍ، وَالْمَقْصُودُ بِالْبَحْثِ هَاهُنَا بَيَانُ اتِّصَالِ السُّنَّةِ بِالنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ يَبْحَثُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الِاتِّصَالِ بِأَنَّهُ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ أَوْ غَيْرِهِ وَعَنْ حَالِ الرَّاوِي، وَعَنْ شَرَائِطِهِ وَعَنْ ضِدِّ الِاتِّصَالِ، وَهُوَ الِانْقِطَاعُ، وَعَنْ مُتَعَلَّقِهِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخَبَرِ، وَعَنْ وُصُولِهِ مِنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَدْنَى فِي الْمَبْدَأِ وَهُوَ السَّمَاعُ، أَوْ الْمُنْتَهَى، وَهُوَ التَّبْلِيغُ، أَوْ الْوَسَطِ، وَهُوَ الضَّبْطُ عَنْ قَدْحِ الْقَادِحِ فِيهِ، وَهُوَ الطَّعْنُ وَعَمَّا يَخُصُّ نَوْعًا خَاصًّا مِنْ السُّنَّةِ، وَهُوَ الْفِعْلُ وَعَنْ مَبْدَأِ السُّنَّةِ، وَهُوَ الْوَحْيُ، وَعَمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَا تَعَلُّقَ السَّوَابِقِ كَشَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا أَوْ تَعَلُّقَ اللَّوَاحِقِ كَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فَأَوْرَدَ هَذِهِ الْمَبَاحِثَ فِي أَحَدَ عَشَرَ فَصْلًا.

قَوْلُهُ: (فَصْلٌ فِي الِاتِّصَالِ) فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ جَعَلَ مَوْرِدَ الْقِسْمَةِ الْخَبَرَ، وَفِي السُّنَّةِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ بَلْ الْفِعْلُ أَيْضًا يُنْقَلُ بِالطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ قُلْتُ؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِفَ حَقِيقَةً بِالتَّوَاتُرِ وَغَيْرِهِ هُوَ الْخَبَرُ وَمَعْنَى اتِّصَافِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِهِ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِكَوْنِهِ كَلَامَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَاتِرٌ وَمَعْنَى الْمُتَوَاتِرِ

عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِهِ مَا يَكُونُ رُوَاتُهُ فِي كُلِّ عَهْدٍ قَوْمًا لَا يُحْصَى عَدَدُهُمْ، وَلَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ لِكَثْرَتِهِمْ، وَعَدَالَتِهِمْ وَتَبَايُنِ أَمَاكِنِهِمْ فَقَوْلُهُ: فِي كُلِّ عَهْدٍ احْتِرَازٌ عَنْ الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ: لَا يُحْصَى عَدَدُهُمْ مَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الضَّبْطِ، وَفِيهِ احْتِرَازٌ عَنْ خَبَرِ قَوْمٍ مَحْصُورٍ، وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ مِنْ اشْتِرَاطِ خَمْسَةٍ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ عِشْرِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>