للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَمْرٍ حَادِثٍ كَالدُّلُوكِ مَثَلًا فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مُؤَثِّرًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ الْأَثَرِ بِذَلِكَ الْأَمْرِ كَالْقِصَاصِ بِالْقَتْلِ وَالْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ فَكُلُّ مَنْ جَعَلَ الْعِلَلَ الْعَقْلِيَّةَ مُؤَثِّرَةً بِذَوَاتِهَا يَجْعَلُ الْعِلَلَ الشَّرْعِيَّةَ كَذَلِكَ، وَهُمْ الْمُعْتَزِلَةُ فَكَمَا أَنَّ النَّارَ عِلَّةٌ لِلِاحْتِرَاقِ عِنْدَهُمْ بِالذَّاتِ بِلَا خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى الِاحْتِرَاقَ؛ فَإِنَّ الْقَتْلَ الْعَمْدَ بِغَيْرِ حَقٍّ عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ أَيْضًا عَقْلًا.

وَكُلُّ مَنْ جَعَلَ الْعِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ مُؤَثِّرَةً بِمَعْنَى أَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ الْإِلَهِيَّةُ بِخَلْقِ الْأَثَرِ عَقِيبَ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَيَخْلُقُ الِاحْتِرَاقَ عَقِيبَ مُمَاسَّةِ النَّارِ لَا أَنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ بِذَاتِهَا بِجَعْلِ الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ كَذَلِكَ بِأَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ أَنَّهُ كُلَّمَا وُجِدَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يُوجَدُ عَقِيبَهُ الْوُجُوبُ حَسَبَ وُجُودِ الِاحْتِرَاقِ عَقِيبَ مُمَاسَّةِ النَّار فَإِنَّ الْمُتَوَلِّدَاتِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ.

(إلَّا أَنْ يُقَالَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا فَإِنَّ الْأَحْكَامَ تُضَافُ إلَى الْأَسْبَابِ فِي حَقِّنَا) فَإِنَّا مُبْتَلُونَ بِنِسْبَةِ الْأَحْكَامِ إلَى الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ بِالْقَتْلِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ الْمَقْتُولُ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ فَفِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ الْأَحْكَامُ مُضَافَةٌ إلَى الْأَسْبَابِ فَهَذَا مَعْنَى كَوْنِهَا مُؤَثِّرَةً.

(وَقِيلَ: الْبَاعِثُ لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَابِ) بَعْضُ النَّاسِ عَرَّفُوا الْعِلَّةَ بِالْبَاعِثِ يَعْنِي: مَا يَكُونُ بَاعِثًا لِلشَّارِعِ عَلَى شَرْعِ الْحُكْمِ كَمَا فِي قَوْلِكَ جِئْتُكَ

ــ

[التلويح]

مَعْقُولٌ إلَّا أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ أَمْرًا غَيْرَ مَعْقُولٍ، وَهُوَ عَدَمُ تَنَجُّسِ الْمَاءِ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ قُلْتُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بَعْدَ كَوْنِ الْمَعْنَى مَعْقُولًا لِأَنَّهُ مُلْتَزَمٌ لِضَرُورَةِ دَفْعِ الْحَرَجِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ لَا يَتَنَجَّسَ كُلُّ مَا يَصِلُ إلَيْهِ) لِنَفْيِ الشُّمُولِ لَا لِشُمُولِ النَّفْيِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَاءَ مُطَهِّرٌ طَبْعًا) تَعْلِيلٌ لِمَعْقُولِيَّةِ إزَالَةِ الْمَاءِ لِلْخَبَثِ، وَذَلِكَ لِفَرْطِ لَطَافَتِهِ وَقُوَّةِ إزَالَتِهِ وَسُرْعَةِ نُفُوذِهِ، وَسُهُولَةِ خُرُوجِهِ فَيَزُولُ بِهِ الْحَدَثُ وَالْخَبَثُ جَمِيعًا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ فَإِنَّهُ مُطَهِّرٌ بِاعْتِبَارِ الْقَلْعِ وَالْإِزَالَةِ فَيَزُولُ بِهِ الْخَبَثُ لِابْتِنَائِهِ عَلَى الرَّفْعِ، وَالْقَلْعِ دُونَ الْحَدَثِ؛ لِعَدَمِ مَعْقُولِيَّتِهِ ثُبُوتًا وَزَوَالًا

[فَصْلٌ فِي الْعِلَّةِ]

[تَعْرِيفِ الْعِلَّةِ]

(قَوْلُهُ: وَيُشْكِلُ بِالْعَلَامَةِ) وَهِيَ مَا يُعْرَفُ بِهِ وُجُودُ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وُجُودُهُ وَلَا وُجُوبُهُ كَالْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ، وَالْإِحْصَانِ لِلرَّجْمِ يَعْنِي: أَنَّ تَعْرِيفَ الْعِلَّةِ بِالْمُعَرِّفِ لِلْحُكْمِ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِدُخُولِ الْعَلَاقَةِ فِيهِ قِيلَ وَلَا جَامِعَ لِخُرُوجِ الْمُسْتَنْبَطَةِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا عُرِفَتْ بِالْحُكْمِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ طَلَبِ عِلِّيَّتِهِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فَلَوْ عُرِفَ الْحُكْمُ بِهَا لَكَانَ الْعِلْمُ بِهَا سَابِقًا عَلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ.

وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُعَرِّفَ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَ عَلَيْهَا هُوَ حُكْمُ الْأَصْلِ، وَالْمُعَرَّفَ بِالْعِلَّةِ الْمُتَأَخِّرَ عَنْهَا هُوَ حُكْمُ الْفَرْعِ فَلَا دَوْرَ، فَإِنْ قِيلَ هُمَا مِثْلَانِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْمَاهِيَّةِ وَلَوَازِمِهَا قُلْنَا لَا يُنَافِي كَوْنَ أَحَدِهِمَا أَجْلَى مِنْ الْآخَرِ بِعَارِضٍ.

(قَوْلُهُ بَلْ فِي الْوُجُوبِ الْحَادِثِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْوُجُوبُ الْحَادِثُ عَلَى مَا زَعَمْتُمْ أَثَرٌ لِلْخِطَابِ الْقَدِيمِ وَثَابِتٌ بِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>