للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْضًا) أَيْ الْأَحْكَامُ الدُّنْيَوِيَّةُ بِسَبَبِ الْكُفْرِ تَلْزَمُ الصَّبِيَّ تَبَعًا لِلْأَبَوَيْنِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ تَصَرُّفَاتُهُمَا الضَّارَّةُ قَصْدًا.

(، وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَمَا كَانَ نَفْعًا مَحْضًا كَقَبُولِ الْهِبَةِ، وَنَحْوِهِ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ، وَلِيُّهُ فَإِنْ آجَرَ الْمَحْجُورُ) أَيْ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ أَوْ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ (نَفْسَهُ وَعَمِلَ يَجِبُ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا) ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ كَانَ لِحَقِّ الْمَحْجُورِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ ضَرَرٌ فَإِذَا عَمِلَ فَوُجُوبُ الْأُجْرَةِ نَفْعٌ مَحْضٌ، وَإِنَّمَا الضَّرَرُ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ لَكِنْ فِي الْعَبْدِ يُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ حَتَّى إنْ تَلِفَ فِيهِ يَضْمَنُ أَيْ إنْ تَلِفَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ (بِخِلَافِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْحُرِّ، وَإِذَا قَاتَلَا لَا يَسْتَحِقَّانِ الرَّضْخَ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورَيْنِ، وَالرَّضْخُ عَطَاءٌ لَا يَكُونُ كَثِيرًا أَيْ لَا يَبْلُغُ سَهْمَ الْغَنِيمَةِ (وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُمَا وَكِيلَيْنِ بِلَا عُهْدَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيُّ إذْ فِي الصِّحَّةِ اعْتِبَارُ الْآدَمِيَّةِ وَتَوَسُّلٌ إلَى إدْرَاكِ الْمَضَارِّ وَالْمَنَافِعِ، وَاهْتِدَاءٌ فِي التِّجَارَةِ بِالتَّجْرِبَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦]

ــ

[التلويح]

فِيهِمَا تَضَرُّرُ زَوَالِ الْمِلْكِ فِي الْحَيَاةِ فَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ هَذَا عَقِيبَ الْحُكْمِ بِأَنَّ مَا فِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ يَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ، وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ مِمَّا يَتَرَدَّدُ بَيْنَ النَّفْعِ، وَالضَّرَرِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ فِي جِهَةِ الْخَيْرِ لِحُصُولِ الثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ مَعَ تَضَرُّرِ إبْطَالِ الْإِرْثِ الَّذِي هُوَ نَفْعٌ لِلْمُوَرَّثِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَتِمَّ جَوَابُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ غَايَتَهُ بَيَانُ التَّضَرُّرِ فِي الْوَصِيَّةِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ صِحَّتُهَا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ، وَلَا رِوَايَةَ فِي ذَلِكَ بَلْ طَرِيقُ الْجَوَابِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ نَفْعًا يُعْتَدُّ بِهِ بَلْ هِيَ ضَرَرٌ مَحْضٌ، وَالنَّفْعُ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ إنَّمَا وَقَعَ بِاتِّفَاقِ الْحَالِ، وَهُوَ أَنَّهُ حَالَةُ الْمَوْتِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَ مَالَهُ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَكَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْمُعْسِرَةَ الشَّوْهَاءَ لِيَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا الْمُوسِرَةَ الْحَسْنَاءَ، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ، وَيُمْكِنُ تَطْبِيقُ جَوَابِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى التَّقْرِيرِ الثَّانِي بِأَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّ ضَرَرَهَا أَكْثَرُ لِأَنَّ نَقْلَ الْمِلْكِ إلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ عَقْلًا، وَشَرْعًا لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَلِأَنَّ تَرْكَ الْوَرَثَةِ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِهِمْ فُقَرَاءَ بِالنَّصِّ، وَتَرْكُ الْأَفْضَلِ فِي حُكْمِ الضَّرَرِ الْمَحْضِ، وَبِهَذَا يُشْعِرُ قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهَا شُرِعَتْ فِي حَقِّ الْبَالِغِ كَالطَّلَاقِ يَعْنِي أَنَّ الضَّرَرَ الْمَحْضَ قَدْ يُشْرَعُ لِلْبَالِغِ لِكَمَالِ أَهْلِيَّتِهِ كَالطَّلَاقِ، وَفِي كَوْنِهِ ضَرَرًا مَحْضًا نَظَرٌ

[فَصْلٌ الْأُمُورُ الْمُعْتَرِضَةُ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ]

[الْعَوَارِضُ السَّمَاوِيَّةُ]

[الْجُنُونُ]

(قَوْلُهُ: فَصْلٌ) لَمَّا ذَكَرَ الْأَهْلِيَّةَ بِنَوْعَيْهَا شَرَعَ فِيمَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِمَا فَيُزِيلُهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ يُوجِبُ تَغْيِيرًا فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِمَا، وَيُسَمَّى الْعَوَارِضُ جَمْعُ عَارِضٍ عَلَى أَنَّهُ جُعِلَ اسْمًا بِمَنْزِلَةِ كَاتِبٍ، وَكَاهِلٍ مِنْ عَرَضَ لَهُ كَذَا أَيْ ظَهَرَ، وَتَبَدَّى، وَمَعْنَى كَوْنِهَا عَوَارِضَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ كَمَا يُقَالُ: الْبَيَاضُ مِنْ عَوَارِضِ الثَّلْجِ، وَلَوْ أُرِيدَ بِالْعُرُوضِ الطَّرَيَانُ، وَالْحُدُوثُ بَعْدَ الْعَدَمِ لَمْ يَصِحَّ فِي الصِّغَرِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ ثُمَّ الْعَوَارِضُ نَوْعَانِ: سَمَاوِيَّةٌ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>