لُزُومَ أَدَاءِ الْإِسْلَامِ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا عَنْ الصَّبِيِّ لِكَوْنِهِ ضَرَرًا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَثْبُتَ بِإِسْلَامِهِ حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ الْكَافِرِ، وَلَا الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ الْوَثَنِيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرَرٌ فَأَجَابَ بِأَنَّهُمَا يُضَافَانِ إلَى كُفْرِ الْآخَرِ لَا إلَى إسْلَامِهِ (وَأَيْضًا هُمَا مِنْ ثَمَرَاتِ الْإِيمَانِ) وَإِنَّمَا يُعْرَفُ صِحَّةُ الشَّيْءِ بِحُكْمِهِ الَّذِي وُضِعَ لَهُ وَهُوَ سَعَادَةُ الدَّارَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يَثْبُتَانِ تَبَعًا، وَلَمْ يُعَدَّا ضَرَرًا حَتَّى لَوْ كَانَ ضَرَرًا لَا يَلْزَمُ بِتَبَعِيَّةِ الْأَبِ إذْ تَصَرُّفَاتُ الْأَبِ لَا تَلْزَمُ الصَّغِيرَ فِيمَا هُوَ ضَرَرٌ مَحْضٌ (وَأَمَّا الْكُفْرُ فَيُعْتَبَرُ مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَا يُعَدُّ عِلْمًا فَتَصِحُّ رِدَّتُهُ فَيَلْزَمُ أَحْكَامُ الْآخِرَةِ) لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الِاعْتِقَادِيَّات وَالِاعْتِقَادِيَّات أُمُورٌ مَوْجُودَةٌ حَقِيقَةً لَا مَرَدَّ لَهَا بِخِلَافِ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ (وَكَذَا أَحْكَامُ الدُّنْيَا لِأَنَّهَا تَثْبُتُ ضِمْنًا) أَيْ لِأَنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا تَثْبُتُ بِالْكُفْرِ ضِمْنًا وَالْأَحْكَامُ الْقَصْدِيَّةُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ هِيَ الْأَحْكَامُ الْأُخْرَوِيَّةُ، وَلَمَّا كَانَتْ ثَابِتَةً ضِمْنًا تَثْبُتُ، وَإِنْ كَانَتْ ضَرَرًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ قَصْدًا مَا هُوَ ضَرَرٌ دُنْيَوِيٌّ (عَلَى أَنَّهَا تَلْزَمُ تَبَعًا
ــ
[التلويح]
التَّلَفِ بِاعْتِبَارِ الْمُلَاءَةِ، وَعِلْمِ الْقَاضِي وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَبَيِّنَةٍ وَهَذَا مَعْنَى كَوْنِ الْقَاضِي أَقْدَرَ عَلَى اسْتِيفَائِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ لِلْأَبِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ وَمَا كَانَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا) أَيْ مُحْتَمِلًا لِلنَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ، وَيَحْتَمِلُ الرِّبْحَ، وَالْخُسْرَانَ، وَكَذَا الشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ، وَالنِّكَاحُ وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلَ احْتِمَالَ الضَّرَرِ بِاعْتِبَارِ خُرُوجِ الْبَدَلِ عَنْ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ بَاعَ الشَّيْءَ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ كَانَ ضَرَرًا وَنَفْعًا، وَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَنْدَفِعَ الضَّرَرُ بِحَالٍ قَطُّ وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ احْتِمَالَ الضَّرَرِ يَنْدَفِعُ بِانْضِمَامِ رَأْيِ الْوَلِيِّ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيْ الصَّبِيَّ أَهْلٌ لِحُكْمِهِ) أَيْ حُكْمِ مَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ إذَا بَاشَرَهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَمْلِكُ الثَّمَنَ إذَا بَاعَ الْوَلِيُّ مَالَهُ، وَيَمْلِكُ الْعَيْنَ إذَا اشْتَرَاهَا لَهُ، وَيَمْلِكُ الْأُجْرَةَ إذَا أَجَّرَ عَيْنًا لَهُ.
(قَوْلُهُ وَتَوْسِيعُ طَرِيقِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ) حَيْثُ يَثْبُتُ بِمُبَاشَرَةِ الْوَلِيِّ، وَمُبَاشَرَةِ الصَّبِيِّ.
(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا) أَيْ تَصَرُّفُ الصَّبِيِّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فِيمَا يَحْتَمِلُ النَّفْعَ وَالضَّرَرَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ أَنَّهُ يُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ مُبَاشَرَةِ الْوَلِيِّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ حَتَّى كَانَ الصَّبِيُّ آلَةً فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ تَصَرُّفُ الْوَلِيِّ، وَعِبَارَةُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ رَأْيَ الْوَلِيِّ شَرْطٌ لِلْجَوَازِ، وَعُمُومُ رَأْيِهِ كَخُصُوصِهِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْوَلِيَّ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ يَعْنِي أَنَّ رَأْيَ الْوَلِيِّ شَرْطٌ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِالصَّبِيِّ، وَرَأْيَهُ فِيمَا إذَا تَصَرَّفَ الصَّبِيُّ عَامٌّ حَيْثُ جَاوَزَ تَصَرُّفَهُ إلَى تَصَرُّفِ الْغَيْرِ، وَفِيمَا إذَا بَاشَرَ بِنَفْسِهِ خَاصٌّ لَا يَتَجَاوَزُهُ فَيُجْعَلُ عُمُومُ رَأْيِهِ بِأَنْ عَمِلَ بِيَدِ الْغَيْرِ كَخُصُوصِهِ بِأَنْ يَعْمَلَ بِيَدِ نَفْسِهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْوَلِيَّ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا وَصِيَّتُهُ فَبَاطِلَةٌ) جَوَابُ سُؤَالٍ يُمْكِنُ تَقْرِيرُهُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ نَفْعٌ مَحْضٌ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا الثَّوَابُ فِي الْآخِرَةِ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْمَالِ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute