للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فَلَا يَكُونُ النَّصُّ حِينَئِذٍ دَالًّا عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْفِ فَبَطَلَ قَوْلُهُ: إنَّ النَّصَّ قَائِمٌ فِي الْحَالَيْنِ وَلَا حُكْمَ لَهُ.

(فَصْلٌ: لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ لِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ كَإِحْدَاثِ تَصَرُّفٍ مُوجِبٍ لِلْمِلْكِ) أَيْ لَا يَجُوزُ بِالْقِيَاسِ إحْدَاثُ تَصَرُّفٍ يَكُونُ عِلَّةً لِثُبُوتِ الْمِلْكِ

(وَقَوْلُنَا الْجِنْسُ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ بِالنَّصِّ وَهُوَ نَهْيٌ عَنْ الرِّبَا وَالرِّيبَةِ) جَوَابُ إشْكَالٍ وَهُوَ أَنَّكُمْ أَثْبَتُّمْ بِالْقِيَاسِ شَيْئًا هُوَ عِلَّةٌ لِحُرْمَةِ النَّسَاءِ وَهُوَ الْجِنْسُ بِانْفِرَادِهِ أَيْ بِدُونِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا النَّصَّ وَهُوَ قَوْلُ الرَّاوِي نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الرِّبَا وَالرِّيبَةِ، وَالرِّيبَةُ: الشَّكُّ وَالْمُرَادُ بِالرِّيبَةِ هُنَا شُبْهَةُ الرِّبَا وَشُبْهَةُ الرَّبَّا ثَابِتَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْجِنْسُ بِانْفِرَادِهِ مَوْجُودًا أَوْ قَدْ بَاعَ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ لِلنَّقْدِ مَزِيَّةً عَلَى النَّسِيئَةِ

(وَكَوْنُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ وَكَذَا الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ عِنْدَهُمَا) أَيْ ثَابِتٌ بِدَلَالَةِ النَّصِّ لَا بِالْقِيَاسِ الْمُسْتَنْبَطِ فَلَا يَرِدُ حِينَئِذٍ إشْكَالٌ

(وَصِفَتِهَا) بِالْجَرِّ أَيْ لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ لِإِثْبَاتِ صِفَةِ الْعِلَّةِ

(كَإِثْبَاتِ السَّوْمِ

ــ

[التلويح]

مَمْنُوعٌ.

[فَصْلٌ لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ لِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ]

(قَوْلُهُ: فَصْلٌ) ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ التَّعْدِيَةَ حُكْمٌ لَازِمٌ لِلتَّعْلِيلِ عِنْدَنَا جَائِزٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعِنْدَنَا لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ إلَّا لِتَعْدِيَةِ الْحُكْمِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَنْصُوصِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَيَكُونُ التَّعْلِيلُ وَالْقِيَاسُ وَاحِدًا وَعَنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ لِزِيَادَةِ الْقَبُولِ وَسُرْعَةِ الْوُصُولِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى حِكْمَةِ الشَّارِعِ فَيُوجَدُ التَّعْلِيلُ بِدُونِ الْقِيَاسِ، وَالْكَلَامُ فِي التَّعْلِيلِ الْغَيْرِ الْمَنْصُوصِ ثُمَّ جُمْلَةُ مَا يَقَعُ التَّعْلِيلُ لِأَجْلِهٍ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ إثْبَاتُ السَّبَبِ أَوْ وَصْفُهُ. الثَّانِي إثْبَاتُ الشَّرْطِ أَوْ وَصْفِهِ. الثَّالِثُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ أَوْ وَصْفُهُ. الرَّابِعُ تَعْدِيَةُ حُكْمٍ مَشْرُوعٍ مَعْلُومٍ بِصِفَتِهِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ يُمَاثِلُهُ فِي التَّعْلِيلِ فَالتَّعْلِيلُ مُخْتَصٌّ بِالتَّعْدِيَةِ لَا يَجُوزُ لِأَجْلِ إثْبَاتِ سَبَبٍ أَوْ صِفَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ الشَّرْعِ بِالرَّأْيِ، وَلَا لِإِثْبَاتِ شَرْطٍ لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ صِفَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا إبْطَالٌ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَنَسْخٌ لَهُ بِالرَّأْيِ، وَلَا لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ أَوْ صِفَتِهِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ نَصْبُ أَحْكَامِ الشَّرْعِ بِالرَّأْيِ فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا إذَا وُجِدَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ أَصْلٌ صَالِحٌ لِلتَّعْلِيلِ فَيُعَلَّلُ وَيَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ إثْبَاتَ سَبَبٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ وَصْفِهِمَا أَوْ إثْبَاتَ حُكْمٍ آخَرَ مِثْلَ الْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ وَغَيْرِهِمَا فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيلَ لِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ أَوْ الشَّرْطِ أَوْ الْحُكْمِ ابْتِدَاءً بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلِإِثْبَاتِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ مِثْلِ الْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ بِطَرِيقِ التَّعْدِيَةِ مِنْ أَصْلٍ مَوْجُودٍ فِي الشَّرْعِ ثَابِتٍ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ جَائِزٍ بِالِاتِّفَاقِ. وَاخْتَلَفُوا فِي التَّعْلِيلِ لِإِثْبَاتِ السَّبَبِيَّةِ أَوْ الشَّرْطِيَّةِ بِطَرِيقِ التَّعْدِيَةِ مِنْ أَصْلٍ ثَابِتٍ فِي الشَّرْعِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ كَوْنُ الشَّيْءِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ شَيْءٌ آخَرُ عِلَّةً أَوْ شَرْطًا لِذَلِكَ الْحُكْمِ قِيَاسًا عَلَى الشَّيْءِ الْأَوَّلِ عِنْدَ تَحْقِيقِ شَرَائِطِ الْقِيَاسِ مِثْلُ أَنْ تُجْعَلَ اللِّوَاطَةُ سَبَبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>