أَنَّهُ حِكَايَةُ الْفِعْلِ لَكِنَّ الْجَارَ عَامٌّ لِأَنَّ اللَّامَ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ لِعَدَمِ الْمَعْهُودِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ قَضَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالشُّفْعَةِ لِكُلِّ جَارٍ.
(مَسْأَلَةُ اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَ بَعْدَ سُؤَالٍ أَوْ حَادِثَةٍ) إمَّا أَنْ لَا يَكُونُ مُسْتَقِلًّا أَوْ يَكُونَ فَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَخْرُجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ قَطْعًا أَوْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَوَابٌ مَعَ احْتِمَالِ الِابْتِدَاءِ أَوْ بِالْعَكْسِ (أَيْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ ابْتِدَاءُ الْكَلَامِ) مَعَ احْتِمَالِ الْجَوَابِ (نَحْوُ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا فِيهِ فَيَقُولُ بَلَى أَوْ كَانَ لِي عَلَيْك كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ) هَذَا نَظِيرُ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ.
(وَنَحْوُ «سَهَا فَسَجَدَ» ، وَزَنَى مَاعِزٌ فَرُجِمَ) هَذَا نَظِيرُ الْمُسْتَقِلِّ الَّذِي هُوَ
ــ
[التلويح]
بِلَفْظٍ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ مِثْلُ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» «وَقَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ» هَلْ يَكُونُ عَامًّا أَمْ لَا فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى عُمُومِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الصَّحَابِيِّ الْعَدْلِ الْعَارِفِ بِاللُّغَةِ أَنَّهُ لَا يَنْقُلُ الْعُمُومَ إلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَحَقُّقِهِ، وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّهُ لَا يَعُمُّ لِأَنَّ الِاحْتِجَاجَ إنَّمَا هُوَ بِالْمَحْكِيِّ لَا الْحِكَايَةِ، وَالْعُمُومُ إنَّمَا هُوَ فِي الْحِكَايَةِ لَا الْمَحْكِيِّ ضَرُورَةَ أَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَكُونُ إلَّا بِصِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَاخِلَ الْكَعْبَةِ» ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ إلَّا عَلَى تَقْدِيرِ عُمُومِ الْفِعْلِ الْمُثْبَتِ فِي الْجِهَاتِ وَالْأَزْمَانِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا عُمُومَ لَهُ لِأَنَّ الْوَاقِعَ إنَّمَا يَكُونُ بِصِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَفِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ، وَغَيْرُهُ إنَّمَا يَلْحَقُ بِهِ بِدَلِيلٍ مِنْ دَلَالَةِ نَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ رَدَّ تَمْثِيلَهُمْ لِذَلِكَ بِمِثْلِ «قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ» بِأَنَّهُ لَيْسَ حِكَايَةَ الْفِعْلِ بَلْ نَقْلُ الْحَدِيثِ بِمَعْنَاهُ، وَلَوْ سُلِّمَ فَلَفْظُ الْجَارِ عَامٌّ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مَدْلُولَ الْكَلَامِ لَيْسَ إلَّا الْإِخْبَارَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنَّهُ حَكَمَ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ، وَلَا مَعْنَى لِحِكَايَةِ الْفِعْلِ إلَّا هَذَا.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ عُمُومَ لَفْظِ الْجَارِ لَا يَضُرُّ بِالْمَقْصُودِ إذْ لَيْسَ النِّزَاعُ إلَّا فِيمَا يَكُونُ حِكَايَةَ الصَّحَابِيِّ بِلَفْظٍ عَامٍّ.
وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ جَعْلَهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ قَضَى النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالشُّفْعَةِ لِكُلِّ جَارٍ غَيْرُ صَحِيحٍ بَعْدَ تَسْلِيمِ كَوْنِهِ حِكَايَةً لِلْفِعْلِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْفِعْلَ أَعْنِي قَضَاءَهُ بِالشُّفْعَةِ إنَّمَا، وَقَعَ فِي بَعْضِ الْجِيرَانِ بَلْ فِي جَارٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ حُكْمُهُ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا الشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ لِلْجَارِ قُلْنَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ نَقْلُ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى لَا حِكَايَةُ الْفِعْلِ، وَالتَّقْدِيرُ بِخِلَافِهِ
[مَسْأَلَةُ اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَ بَعْدَ سُؤَالٍ أَوْ حَادِثَةٍ]
(قَوْلُ اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَ بَعْدَ سُؤَالٍ أَوْ حَادِثَةٍ) يَعْنِي يَكُونُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ السُّؤَالِ أَوْ الْحَادِثَةِ، وَحِينَئِذٍ يَنْحَصِرُ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ لِامْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ قَطْعًا فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَحْتَمِلُ الْجَوَابَ، وَنَعْنِي بِغَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ مَا لَا يَكُونُ مُفِيدًا بِدُونِ اعْتِبَارِ السُّؤَالِ أَوْ الْحَادِثَةِ مِثْلُ نَعَمْ فَإِنَّهَا مُقَرِّرَةٌ لِمَا سَبَقَ مِنْ كَلَامٍ مُوجِبٍ أَوْ مَنْفِيٍّ اسْتِفْهَامًا أَوْ خَبَرًا، وَبَلَى فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِإِيجَابِ النَّفْيِ السَّابِقِ اسْتِفْهَامًا أَوْ خَبَرًا فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ بَلَى فِي جَوَابِ أَكَانَ لِي عَلَيْك كَذَا، وَلَا يَكُونُ نَعَمْ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute