حُجُورِهِمْ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الْوَصْفُ لَا يُقَالُ: بِانْتِفَاءِ الْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَصَفَ الرَّبَائِبَ بِكَوْنِهِنَّ فِي حُجُورِهِمْ إخْرَاجًا لِلْكَلَامِ مَخْرَجَ الْعَادَةِ فَإِنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِكَوْنِ الرَّبَائِبِ فِي حُجُورِهِمْ فَحِينَئِذٍ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ.
(وَلَا يَكُونُ) أَيْ الْمَنْطُوقُ (لِسُؤَالٍ أَوْ حَادِثَةٍ) كَمَا إذَا سُئِلَ عَنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لَا الْإِبِلِ السَّائِمَةِ مَثَلًا فَقَالَ: بِنَاءً عَلَى السُّؤَالِ أَوْ بِنَاءً عَلَى وُقُوعِ الْحَادِثَةِ إنَّ «فِي الْإِبِلِ السَّائِمَةِ زَكَاةً» فَوَصْفُهَا بِالسَّوْمِ هَاهُنَا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عِنْدَ عَدَمِ السَّوْمِ (أَوْ عِلْمِ الْمُتَكَلِّمِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِسُؤَالِي (بِأَنَّ السَّامِعَ يَسْمَعُ هَذَا الْحُكْمَ الْمَخْصُوصَ) كَمَا إذَا عَلِمَ أَنَّ السَّامِعَ لَا يَعْلَمُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْإِبِلِ السَّائِمَةِ فَقَالَ: بِنَاءً عَلَى هَذَا: إنَّ فِي الْإِبِلِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ لَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ عِنْدَ عَدَمِ السَّوْمِ
فَإِذَا بَيَّنَّ شَرَائِطَ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ شَرَعَ فِي أَقْسَامِهِ فَقَالَ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَهِيَ (أَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِاسْمِهِ) سَوَاءٌ كَانَ اسْمَ جِنْسٍ أَوْ اسْمَ عَلَمٍ (يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ) أَيْ عَمَّا عَدَا ذَلِكَ الشَّيْءِ (عِنْدَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ الْأَنْصَارَ فَهِمُوا مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ) أَيْ الْغُسْلُ مِنْ الْمَنِيِّ (عَدَمَ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْإِكْسَالِ) ، وَهُوَ أَنْ يَفْتُرَ الذَّكَرُ قَبْلَ الْإِنْزَالِ (وَعِنْدَنَا لَا يَدُلُّ وَلَا يَلْزَمُ الْكُفْرُ وَالْكَذِبُ فِي: مُحَمَّدٌ رَسُولِ اللَّهِ، وَفِي: زَيْدٌ مَوْجُودٌ
ــ
[التلويح]
وَرَدَ فِي مَاعِزٍ، وَفِي غَيْرِ مَاعِزٍ
[أَقْسَامِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ]
[تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِاسْمِهِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ]
(قَوْلُهُ وَإِلَّا يَلْزَمُ الْكُفْرُ وَالْكَذِبُ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَزَيْدٌ مَوْجُودٌ) يَعْنِي يَلْزَمُ الْأَمْرَانِ فِي كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ مُحَمَّدٍ لَيْسَ بِرَسُولِ اللَّهِ، وَهُوَ كَذِبٌ وَكُفْرٌ، وَالثَّانِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ زَيْدٍ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَهُوَ أَيْضًا كَذِبٌ وَكُفْرٌ لِوُجُودِ الْبَارِي تَعَالَى وَالْمُصَنِّفُ خَصَّصَ الْكُفْرَ بِالْأَوَّلِ، وَالْكَذِبَ بِالثَّانِي فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ شَرَائِطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، وَهُوَ هَاهُنَا مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُقْتَضَى لِلتَّخْصِيصِ بِالذِّكْرِ هُوَ قَصْدُ الْإِخْبَارِ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَوُجُودِ زَيْدٍ، وَلَا طَرِيقَ إلَى ذَلِكَ سِوَى التَّصْرِيحِ بِالِاسْمِ قُلْنَا فَحِينَئِذٍ لَا يَتَحَقَّقُ مَفْهُومُ اللَّقَبِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْفَائِدَةَ حَاصِلَةٌ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ.
(قَوْلُهُ، وَلَإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ) يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ يُؤَدِّي إلَى نَفْيِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَهُوَ تَعْلِيلُ النَّصِّ، وَإِثْبَاتُ حُكْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِيمَا يُشَارِكُهُ فِي الْعِلَّةِ، ذَلِكَ لِأَنَّ الْفَرْعَ إنْ تَنَاوَلَهُ اسْمُ الْأَصْلِ فَلَا قِيَاسَ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ فِيهِ بِالنَّصِّ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ فَقَدْ دَلَّ النَّصُّ بِحَسْب الْمَفْهُومِ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِالْقِيَاسِ الْمُخَالِفِ لِلنَّصِّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَوْضِعَ الْقِيَاسِ لَا يَثْبُتُ فِيهِ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقِيَاسِ الْمُسَاوَاةَ، وَمِنْ شَرْطِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ عَدَمَهَا عَلَى مَا مَرَّ، وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا بِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَ الْمَنْطُوقِ فِي إيجَابِ الْحُكْمِ مَعَ أَنَّهُ وُضِعَ لِلْإِيجَابِ فَلَأَنْ لَا يَتَنَاوَلَ غَيْرَهُ لِنَفْيِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute