فِي الذِّمَّةِ.
(وَكَقَوْلِنَا فِي الْمُدَبَّرِ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ تَعَلَّقَ عِتْقُهُ بِمُطْلَقِ مَوْتِ الْمَوْلَى فَلَا يُبَاعُ كَأُمِّ الْوَلَدِ) فِيهِ قِيَاسُ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْعِلَّةُ كَوْنُهُمَا مَمْلُوكَيْنِ تَعَلَّقَ عِتْقُهُمَا بِمُطْلَقِ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَإِنَّمَا قَالَ بِمُطْلَقِ مَوْتِ الْمَوْلَى احْتِرَازًا عَنْ الْمُدَبَّرِ الْمُقَيَّدِ كَقَوْلِهِ إنْ مِتُّ فِي هَذَا الْمَرَضِ فَأَنْتَ حُرٌّ (وَمُرَكَّبًا كَالْكَيْلِ وَالْجِنْسِ وَغَيْرَ مُرَكَّبٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَمَنْصُوصَةٌ وَغَيْرُ مَنْصُوصَةٍ كَمَا يَأْتِي) .
(مَسْأَلَةٌ وَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ عِنْدَنَا) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ فَإِنَّهُ جَعَلَ عِلَّةَ الرِّبَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الثَّمَنِيَّةَ فَهِيَ مُقْتَصِرَةٌ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ غَيْرَ مُتَعَدِّيَةٍ عَنْهُمَا إذْ غَيْرُ الْحَجَرَيْنِ لَمْ يُخْلَقْ ثَمَنًا.
وَالْخِلَافُ
ــ
[التلويح]
الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ لَيْسَ بِمَعْنَى الْإِيجَادِ وَالتَّحْصِيلِ حَتَّى يَمْتَنِعَ التَّقَدُّمُ أَوْ التَّخَلُّفُ، وَلَوْ سُلِّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ صَالِحًا لِلْعِلِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ أَوْ يَكُونَ الثَّابِتُ بِالدَّلِيلِ عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا يَلْزَمُ التَّحَكُّمُ فَظَهَرَ بُطْلَانُ الْأَدِلَّةِ عَلَى اشْتِرَاطِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ حُجِّيَّةُ الْقِيَاسِ وَصِحَّةُ التَّعْلِيلِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ اللَّازِمِ وَالْعَارِضِ أَوْ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَثَبَتَ الْمَطْلُوبُ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الْعِلَّةِ اسْمَ جِنْسٍ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِمَعْنَاهُ الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ مِثْلَ كَوْنِ الْخَارِجِ مِنْ الْمُسْتَحَاضَةِ دَمَ عِرْقٍ مُنْفَجِرٍ لَا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِنَفْسِ الِاسْمِ الْمُخْتَلَفِ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ
[مَسْأَلَةٌ التَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ) إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ اسْتِدْلَالِ الْخَصْمِ، وَهُوَ أَنَّ النَّصَّ إذَا كَانَ مَعْقُولًا فَالْحُكْمُ ثَابِتُ الْعِلَّةِ دُونَ النَّصِّ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْعِلَّةِ إلَّا مَا ثَبَتَ بِهِ الشَّيْءُ وَلَا شَيْءَ هَاهُنَا يَثْبُتُ بِهَا سِوَى الْحُكْمِ، وَلِذَا يُعَدَّى إلَى الْفَرْعِ بِأَنْ يُقَالَ ثَبَتَ فِي الْأَصْلِ بِالْعِلَّةِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْفَرْعِ فَيَثْبُتُ فِيهِ أَيْضًا وَعَدَمُ التَّعَدِّي لَا يَصْلُحُ مَانِعًا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ الْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ الْمَنْصُوصَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ سَوَاءٌ كَانَ مَعْقُولَ الْمَعْنَى، أَوْ لَمْ يَكُنْ عُلِّلَ أَوْ لَمْ يُعَلَّلْ فَيُعَدُّ التَّعْلِيلُ لَوْ أُضِيفَ إلَى الْعِلَّةِ لَزِمَ بُطْلَانُ النَّصِّ فَالْمُثْبِتُ لِلْحُكْمِ هُوَ النَّصُّ.
وَمَعْنَى عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ كَوْنُهُ بَاعِثًا لِلشَّارِعِ عَلَى شَرْعِ الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا جَازَتْ التَّعْدِيَةُ إلَى الْفَرْعِ لِمَا فِي التَّعْلِيلِ مِنْ تَعْمِيمِ النَّصِّ وَشُمُولِهِ لِلْفَرْعِ، وَبَيَانِ كَوْنِهِ مُثْبِتًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ وَقِيلَ: حُكْمُ الْأَصْلِ مُضَافٌ إلَى النَّصِّ فِي نَفْسِهِ، وَإِلَى الْعِلَّةِ فِي حَقِّ الْفَرْعِ وَهَذَا الْقَدْرُ مِنْ الِاشْتِرَاكِ كَافٍ فِي الْقِيَاسِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ) احْتِجَاجٌ عَلَى امْتِنَاعِ التَّعْلِيلِ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ أَيْ: وَإِنَّمَا جَازَ التَّعْلِيلُ بِغَيْرِ الْمَنْصُوصَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَمَرَ بِالِاعْتِبَارِ الْمَبْنِيِّ عَلَى التَّعْلِيلِ مَعَ نُدْرَةِ الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ كَانَ ذَلِكَ إذْنًا لِبَيَانِ عِلِّيَّةِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَجْلِ الْقِيَاسِ فَيَبْقَى بَيَانُ الْعِلِّيَّةِ بِالْقَاصِرَةِ عَلَى الِامْتِنَاعِ حَتَّى يَرِدَ بِهَا نَصُّ الشَّارِعِ.
(قَوْلُهُ إذْ الْفَائِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ لَيْسَتْ إلَّا إثْبَاتُ الْحُكْمِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ أُرِيدَ بِالْفَائِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ مَا يَكُونُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْفِقْهِ وَنِسْبَةٌ إلَيْهِ فَلَا نُسَلِّمُ انْحِصَارَهَا فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ سُرْعَةُ الْإِذْعَانِ، وَزِيَادَةُ الِاطْمِئْنَانِ بِالْأَحْكَامِ، وَالِاطِّلَاعِ عَلَى حِكْمَةِ الشَّارِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute