للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّبْعِيضِ إذَا دَخَلَ عَلَى ذِي أَبْعَاضٍ.

(كَمَا فِي كُلْ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ، وَلِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ) أَيْ الْبَعْضُ مُتَيَقَّنٌ لِأَنَّ مَنْ إذَا كَانَ لِلتَّبْعِيضِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ لِلْبَيَانِ فَالْبَعْضُ مُرَادٌ فَإِرَادَةُ الْبَعْضِ مُتَيَقَّنَةٌ، وَإِرَادَةُ الْكُلِّ مُحْتَمَلَةٌ.

(فَوَجَبَ رِعَايَةُ الْعُمُومِ، وَالتَّبْعِيضِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هَذَا مُرَاعًى لِأَنَّ عِتْقَ كُلِّ مُعَلَّقٍ بِمَشِيئَتِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ غَيْرِهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بَعْضٌ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ غَيْرِهِ بَعْضٌ مِنْ الْمَجْمُوعِ فَيُعْتَقُ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ رِعَايَةِ التَّبْعِيضِ بِخِلَافِ مَنْ شِئْت فَإِنَّ الْمُخَاطِبَ إنْ شَاءَ الْكُلَّ فَمَشِيئَةُ الْكُلِّ مُجْتَمِعَةٌ فِيهِ فَيَبْطُلُ التَّبْعِيضُ، وَهَذَا الْفَرْقُ، وَالْفَرْقُ الْأَخِيرُ فِي أَيٍّ مِمَّا تَفَرَّدْت بِهِ.

(وَمِنْهَا مَا فِي غَيْرِ الْعُقَلَاءِ، وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِمَنْ فَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك غُلَامًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا، وَجَارِيَةً لَمْ تُعْتَقْ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْكُلُّ، وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْت تُطَلِّقُ مَا دُونَهَا وَعِنْدَهُمَا ثَلَاثًا، وَقَدْ مَرَّ وَجْهُهُمَا) .

ــ

[التلويح]

الْمَفْعُولِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْمَفْعُولُ " عِتْقَهُ " لَا كَلِمَةُ " مَنْ " وَضْعُهُ ظَاهِرٌ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ آخَرُ تَفَرَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ تَقْرِيرُهُ أَنَّ مَنْ يَحْتَمِلُ التَّبْعِيضَ، وَالْبَيَانَ، وَالتَّبْعِيضُ مُتَيَقَّنٌ ثَابِتٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ ضَرُورَةَ وُجُودِ الْبَعْضِ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ، وَإِرَادَةُ الْكُلِّ مُحْتَمَلَةٌ فَيُجْعَلُ مَنْ عَلَى التَّبْعِيضِ أَخْذًا بِالْمُتَيَقَّنِ الْمَقْطُوعِ، وَتَرْكًا لِلْمُحْتَمَلِ الْمَشْكُوكِ فَفِي مَنْ شَاءَ مِنْ عَبِيدِي أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِعُمُومِ مَنْ، وَتَبْعِيضُ مَنْ بِأَنْ يُعْتِقَ كُلَّ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَ عِتْقَ كُلٍّ لِمَشِيئَتِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْغَيْرِ كَانَ كُلُّ مَنْ شَاءَ الْعِتْقَ بَعْضًا مِنْ الْعَبِيدِ بِخِلَافِ مَنْ شِئْت مِنْ عَبِيدِي فَإِنَّ الْمُخَاطَبَ لَوْ شَاءَ عِتْقَ الْكُلِّ سَقَطَ مَعْنَى التَّبْعِيضِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِ الْمَشِيئَةِ بِالْكُلِّ دُفْعَةً لِأَنَّ مَنْ شَاءَ الْمُخَاطَبُ عِتْقَهُ لَيْسَ بَعْضَ الْعَبِيدِ بَلْ كُلُّهُمْ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ فَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَنَّهُ شَاءَ الْمُخَاطَبُ عِتْقَهُ حَالَ كَوْنِهِ بَعْضًا مِنْ الْعَبِيدِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْمَشِيئَةِ بِكُلٍّ عَلَى الِانْفِرَادِ أَمْرٌ بَاطِلٌ لَا اطِّلَاعَ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ إعْتَاقِ الْكُلِّ تَعَلُّقُ الْمَشِيئَةِ بِالْكُلِّ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ الْبَعْضِ لِيَتَحَقَّقَ التَّبْعِيضُ، وَهَاهُنَا نَظَرٌ، وَهُوَ أَنَّ الْبَعْضِيَّةَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهَا مَنْ هِيَ الْبَعْضِيَّةُ الْمُجَرَّدَةُ النَّافِيَةُ لِلْكُلِّيَّةِ لَا الْبَعْضِيَّةُ الَّتِي هِيَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ أَوْ بِدُونِهِ، وَحِينَئِذٍ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّبْعِيضَ مُتَيَقَّنٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ

[مِنْ أَلْفَاظِ الْعَامِّ مَا فِي غَيْرِ الْعُقَلَاءِ]

(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا فِي غَيْرِ الْعُقَلَاءِ) هَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يَعُمُّ الْعُقَلَاءَ، وَغَيْرَهُمْ فَإِنْ قِيلَ فَفِي قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] يَجِبُ قِرَاءَةُ جَمِيعِ مَا تَيَسَّرَ عَمَلًا بِالْعُمُومِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك غُلَامًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ قُلْنَا بِنَاءُ الْأَمْرِ عَلَى التَّيَسُّرِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا تَيَسَّرَ بِصِفَةِ الِانْفِرَادِ دُونَ الِاجْتِمَاعِ لِأَنَّهُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ يَنْقَلِبُ مُتَعَسِّرًا.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ، وَجْهُهُمَا) أَمَّا، وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ أَنَّ مَا عَامٌّ، وَمَنْ لِلْبَيَانِ وَالثَّلَاثُ جَمِيعُ عَدَدِ الطَّلَاقِ الْمَشْرُوعِ.

وَأَمَّا وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهُوَ أَنَّ مَنْ لِلتَّبْعِيضِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>