للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِلْكُ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ عِلَّةٌ لِمِلْكِ الْمَغْصُوبِ وَحِلُّ الْإِتْلَافِ لِإِحْيَاءِ الْمُهْجَةِ لَا يُنَافِي عِصْمَةَ الْمَالِ كَمَا فِي الْمَخْمَصَةِ فَيَضْمَنُ الْجَمَلَ الصَّائِلَ فَنُوقِضَ بِالْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُدَبَّرِ وَمَالِ الْبَاغِي فَأَجَابُوا فِي الْأَوَّلِينَ بِالْمَانِعِ لَكِنَّ هَذَا تَخْصِيصُ الْعِلَّةِ وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِهِ وَفِي الثَّالِثِ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ حِلَّ الْإِتْلَافِ يُنَافِي الْعِصْمَةَ فِي مَالِ الْبَاغِي بَلْ إنَّمَا انْتَفَتْ بِالْبَغْيِ) أَوْرَدَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلدَّفْعِ بِالْحُكْمِ ثَلَاثَةَ أَمْثِلَةٍ: أَحَدُهَا خُرُوجُ النَّجَاسَةِ عِلَّةٌ لِلِانْتِقَاضِ فَنُوقِضَ بِالْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّ خُرُوجَ النَّجَاسَةِ مَوْجُودٌ فِيهَا بِدُونِ الِانْتِقَاضِ، وَثَانِيهَا أَنَّ مِلْكَ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ عِلَّةٌ لِمِلْكِ الْمَغْصُوبِ فَنُوقِضَ بِالْمُدَبَّرِ فَأَجَابَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الصُّورَتَيْنِ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَخَلَّفَ الْحُكْمُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِالْمَانِعِ فَأَقُولُ هَذَا الْجَوَابَ لَيْسَ دَفْعًا بِالْحُكْمِ بَلْ هُوَ تَخْصِيصُ الْعِلَّةِ وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِهِ وَثَالِثُهَا أَنَّ حِلَّ الْإِتْلَافِ لِإِحْيَاءِ الْمُهْجَةِ لَا يُنَافِي الْعِصْمَةَ كَمَا فِي الْمَخْمَصَةِ فَإِنَّهُ إنْ أَكَلَ مَالَ الْغَيْرِ فِي الْمَخْمَصَةِ لِإِحْيَاءِ الْمُهْجَةِ يَجِبُ الضَّمَانُ فَيُضْمَنُ الْجَمَلُ الصَّائِلُ فَنُوقِضَ بِمَالِ الْبَاغِي أَنَّ الْعَادِلَ إذَا أَتْلَفَ مَالَ الْبَاغِي حَالَ الْقِتَالِ لِإِحْيَاءِ الْمُهْجَةِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ فَعُلِمَ أَنَّ حِلَّ الْإِتْلَافِ لِإِحْيَاءِ الْمُهْجَةِ يُنَافِي الْعِصْمَةَ فَأَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ حِلَّ الْإِتْلَافِ يُنَافِي الْعِصْمَةَ فِي مَالِ الْبَاغِي فَإِنَّ عِصْمَةَ مَالِ الْبَاغِي لَمْ تَنْتَفِ بِحِلِّ الْإِتْلَافِ بَلْ بِالْبَغْيِ فَأَقُولُ

ــ

[التلويح]

فِي صُورَةِ الِاسْتِحْسَانِ لِمَانِعٍ وَعَمِلَ بِهِ فِي غَيْرِهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ فَيَكُونُ بَاطِلًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ إبْطَالِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ انْعِدَامَ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ الِاسْتِحْسَانِ إنَّمَا هُوَ لِانْعِدَامِ الْعِلَّةِ مَثَلًا مُوجِبُ نَجَاسَةِ سُؤْرِ سِبَاعِ الْوَحْشِ هُوَ الرُّطُوبَةُ النَّجِسَةُ فِي الْآلَةِ الشَّارِبَةِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي سِبَاعِ الطَّيْرِ فَانْتَفَى الْحُكْمُ لِذَلِكَ وَهَذَا مَعْنَى تَرْكِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ الضَّعِيفِ الْأَثَرِ بِدَلِيلٍ قَوِيٍّ هُوَ قِيَاسٌ خَفِيٌّ قَوِيُّ الْأَثَرِ فَلَا يَكُونَ مِنْ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ فِي شَيْءٍ.

[فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ]

[النَّقْضُ]

[وَدَفْعُ النَّقْض بِأَرْبَعِ طُرُقٍ]

(قَوْلُهُ: فَصْلٌ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ) أَيْ الِاعْتِرَاضَاتُ الَّتِي تُورِدُ عَلَيْهَا وَفِي دَفْعِ تِلْكَ الِاعْتِرَاضَاتِ أَيْ الْجَوَابُ عَنْهَا، وَالْمَذْكُورُ هَاهُنَا سِتَّةٌ وَهِيَ النَّقْضُ وَفَسَادُ الْوَضْعِ وَعَدَمُ الِانْعِكَاسِ وَالْفَرْقُ وَالْمُمَانَعَةُ وَالْمُعَارَضَةُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُنَاقَضَةَ اعْتِرَاضٌ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ تَعْلِيلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهِ وَيَذْكُرُ فِيهِ أَرْبَعَةَ طُرُقٍ: الْأَوَّلُ الدَّفْعُ بِالْوَصْفِ وَهُوَ مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ وَالثَّانِي الدَّفْعُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ وَهُوَ مَنْعُ وُجُودِ الْمَعْنَى الَّذِي صَارَتْ الْعِلَّةُ عِلَّةً لِأَجْلِهِ وَالثَّالِثُ الدَّفْعُ بِالْحُكْمِ وَهُوَ مَنْعُ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ وَالرَّابِعُ الدَّفْعُ بِالْغَرَضِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْغَرَضُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فَكَمَا أَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي الصُّورَتَيْنِ فَكَذَا الْحُكْمُ وَكَمَا أَنَّ ظُهُورَ الْحُكْمِ قَدْ يَتَأَخَّرُ فِي الْفَرْعِ فَكَذَا فِي الْأَصْلِ فَالتَّسْوِيَةُ حَاصِلَةٌ بِكُلِّ حَالٍ.

(قَوْلُهُ فَنُوقِضَ بِالْقَلِيلِ) يَعْنِي لَوْ كَانَ النَّجَسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>