للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ فَثَبَتَ أَنَّ الْقَيْدَ يَدُلُّ عَلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ.

(وَالْأَوَّلُ) ، وَهُوَ إجْزَاءُ الْمُؤْمِنَةِ (حَاصِلٌ فِي الْمَقِيسِ) ، وَهُوَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ (بِالنَّصِّ الْمُطْلَقِ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ (فَلَا يُفِيدُ تَعْدِيَتُهُ فَهِيَ) أَيْ التَّعْدِيَةُ (فِي الْمَثَانِي فَقَطْ فَتَعْدِيَةُ الْقَيْدِ تَعْدِيَةُ الْعَدَمِ بِعَيْنِهَا) أَيْ بِعَيْنِ تَعْدِيَةِ الْعَدَمِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَهَا فَهِيَ مَقْصُودَةٌ مِنْهَا أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ تَعْدِيَةُ الْقَيْدِ غَيْرَ تَعْدِيَةِ الْعَدَمِ فَتَعْدِيَةُ الْعَدَمِ مَقْصُودَةٌ مِنْ تَعْدِيَةِ الْقَيْدِ، وَحَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ تَعْدِيَةَ الْقَيْدِ هِيَ عَيْنُ تَعْدِيَةِ الْعَدَمِ، وَإِنْ سَلِمَ أَنَّ مَفْهُومَ تَعْدِيَةِ الْقَيْدِ غَيْرُ مَفْهُومِ تَعْدِيَةِ الْعَدَمِ فَتَعْدِيَةُ الْعَدَمِ مَقْصُودَةٌ مِنْ تَعْدِيَةِ الْقَيْدِ فَبَطَلَ قَوْلُهُ نَحْنُ نُعَدِّي الْقَيْدَ فَثَبَتَ الْعَدَمُ ضِمْنًا بَلْ الْعَدَمُ يَثْبُتُ قَصْدًا، وَهُوَ لَيْسَ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ (فَتَكُونُ) أَنَّ تَعْدِيَةَ الْقَيْدِ (لِإِثْبَاتِ مَا لَيْسَ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ) ، وَهُوَ عَدَمُ إجْزَاءِ الْكَافِرَةِ فَإِنَّهُ عَدَمٌ أَصْلِيٌّ.

(وَإِبْطَالُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ) ، وَهُوَ إجْزَاءُ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ (الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْمُطْلَقُ) ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩] .

(وَكَيْفَ يُقَاسُ مَعَ وُرُودِ النَّصِّ) فَإِنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَقِيسِ نَصٌّ دَالٌّ عَلَى الْحُكْمِ الْمُعَدَّى أَوْ عَلَى عَدَمِهِ.

(وَلَيْسَ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَتَخْصِيصِ الْعَامِّ كَمَا زَعَمُوا لِيَجُوزَ بِالْقِيَاسِ) جَوَابٌ عَنْ الدَّلِيلِ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْمَحْصُولِ عَلَى جَوَازِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ إنْ اقْتَضَى الْقِيَاسُ حَمْلَهُ، وَهُوَ أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى الْأَفْرَادِ فَوْقَ دَلَالَةِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا لِأَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى الْأَفْرَادِ قَصْدِيَّةٌ، وَدَلَالَةَ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا ضِمْنِيَّةٌ، وَالْعَامُّ يُخَصُّ بِالْقِيَاسِ اتِّفَاقًا بَيْنَنَا، وَبَيْنَكُمْ فَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ الْمُطْلَقُ بِالْقِيَاسِ عِنْدَكُمْ أَيْضًا فَأَجَابَ بِمَنْعِ جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ التَّخْصِيصَ بِالْقِيَاسِ إنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَنَا إذَا كَانَ الْعَامُّ

ــ

[التلويح]

كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاظِرِ فِي السِّيَاقِ، وَالسِّيَاقُ قُلْت تَسَامُحٌ فِي الْعِبَارَةِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْقَيْدَ فُهِمَ أَنَّ عَدَمَ إجْزَاءِ الْكَافِرَةِ بَاقٍ عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ.

(قَوْلُهُ:، وَدَلَالَةُ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْأَفْرَادِ ضِمْنِيَّةٌ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ إلَى نَفْسِ الْحَقِيقَةِ أَوْ إلَى حِصَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مُحْتَمِلَةٍ لِحِصَصٍ كَثِيرَةٍ، وَالْمُرَادُ دَلَالَتُهُ عَلَى الْأَفْرَادِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ دُونَ الشُّمُولِ لِظُهُورِ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ إعْتَاقِ رَقَبَةٍ مَا.

(قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ أَنْتُمْ قَيَّدْتُمْ الرَّقَبَةَ بِالسَّلَامَةِ) مَوْرِدُ الْإِشْكَالِ لَيْسَ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بَلْ إبْطَالُ حُكْمِ الْإِطْلَاقِ بِالْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ فِي الْمَحْصُولِ جَوَابًا عَمَّا قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ: أَعْتِقْ رَقَبَةً يَقْتَضِي تَمَكُّنَ الْمُكَلَّفِ مِنْ إعْتَاقِ أَيِّ رَقَبَةٍ شَاءَ مِنْ رِقَابِ الدُّنْيَا فَلَوْ دَلَّ الْقِيَاسُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ إلَّا الْمُؤْمِنَةُ لَكَانَ الْقِيَاسُ دَلِيلًا عَلَى زَوَالِ الْمُكْنَةِ الثَّابِتَةِ بِالنَّصِّ فَيَكُونُ الْقِيَاسُ نَاسِخًا، وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ

[فَصْلٌ حُكْمُ الْمُشْتَرَكِ]

(قَوْلُهُ: فَصْلُ حُكْمِ الْمُشْتَرَكِ التَّأَمُّلُ) فِي نَفْسِ الصِّيغَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَدِلَّةِ، وَالْأَمَارَاتِ لِيَتَرَجَّحَ أَحَدُ مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ، وَلَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>