للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْضُهُ كَمَا فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ (فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: كُلٌّ مِنْهُمَا مَالٌ لَوْ قُوبِلَ بِجِنْسِهِ حَرُمَ رِبَا الْفَضْلِ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الطَّعَامَيْنِ مَالٌ لَوْ قُوبِلَ بِجِنْسِهِ حَرُمَ رِبَا الْفَضْلِ فَكُلُّ مَالٍ لَوْ قُوبِلَ بِجِنْسِهِ حَرُمَ رِبَا الْفَضْلِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِيهِ (فَإِنَّهُ لَا يَنْعَكِسُ لِاشْتِرَاطِ قَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ) وَذَلِكَ لِأَنَّ عَكْسَ الْقَضِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ قَوْلُنَا: كُلُّ مَالٍ لَوْ قُوبِلَ بِجِنْسِهِ لَا يَحْرُمُ رِبَا الْفَضْلِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ وَإِنْ كَانَ مَالًا لَوْ قُوبِلَ بِجِنْسِهِ لَا يَحْرُمُ رِبَا الْفَضْلِ فَالْمُرَادُ بِغَيْرِ الرِّبَوِيِّ فِي الْمَتْنِ هَذَا الْمَالُ كَالثِّيَابِ مَثَلًا، وَهَذَا الْعَكْسُ هُوَ أَضْعَفُ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ أَمَّا كَوْنُهُ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ فَلِأَنَّهُ إذَا وُجِدَ وَصْفَانِ مُؤَثِّرَانِ أَحَدُهُمَا بِحَيْثُ يُعْدَمُ الْحُكْمُ عِنْدَ عَدَمِهِ فَإِنَّ الظَّنَّ بِعِلِّيَّتِهِ أَغْلَبُ مِنْ الظَّنِّ بِعِلِّيَّةِ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ أَضْعَفَ فَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْعِلِّيَّةِ التَّأْثِيرُ، وَلَا اعْتِبَارَ لِلْعَدَمِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَثْبُتُ بِعِلَلٍ شَتَّى فَمَا يَرْجِعُ إلَى تَأْثِيرِ الْعِلَلِ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ أَقْوَى مِنْ الْعَدَمِ عِنْدَ الْعَدَمِ.

(مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ وُجُوهُ التَّرْجِيحِ فَمَا كَانَ بِالذَّاتِ أَوْلَى مِمَّا كَانَ بِالْحَالِ أَيْ التَّرْجِيحُ بِالْوَصْفِ الذَّاتِيِّ أَوْلَى مِنْ التَّرْجِيحِ بِالْوَصْفِ الْعَارِضِ كَمَا إذَا تَعَارَضَ جِهَتَا الْفَسَادِ وَالصِّحَّةِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ لَمْ يُبَيِّتْهُ) أَيْ لَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ

ــ

[التلويح]

وَلَا إضَافَةٌ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ هَالِكٍ مِنْ وَجْهٍ حَيْثُ انْعِدَامُ صُورَتِهِ وَبَعْضِ مَعَانِيهِ أَعْنِي الْمَنَافِعَ الْقَائِمَةَ بِهِ وَصَارَ وُجُودُهُ مُضَافًا إلَى الْغَاصِبِ مِنْ وَجْهٍ، وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي بِهِ صَارَ هَالِكًا بِمَعْنَى أَنَّ لِفِعْلِ الْغَاصِبِ مَدْخَلًا فِي وُجُودِ الثَّوْبِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مَثَلًا، وَمِنْهَا تَرْجِيحُ ابْنِ ابْنِ الْأَخِ عَلَى الْعَمِّ فِي الْعُصُوبَةِ؛ لِأَنَّ رُجْحَانَهُ فِي ذَاتِ الْقَرَابَةِ؛ لِأَنَّهَا قَرَابَةُ أُخُوَّةٍ وَرُجْحَانُ الْعَمِّ فِي حَالِ الْقَرَابَةِ وَهِيَ زِيَادَةُ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّهُ يَتَّصِلُ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ الْأَبُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي بَابِ الْمِيرَاثِ

[فَصْلٌ مِنْ التَّرَاجِيحِ الْفَاسِدَةِ التَّرْجِيحُ بِغَلَبَةِ الْأَشْبَاهِ]

(قَوْلُهُ: فَصْلٌ) كَمَا خَتَمَ مَبَاحِثَ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ بِالْأَدِلَّةِ الْفَاسِدَةِ تَكْمِيلًا لِلْمَقْصُودِ كَذَلِكَ خَتَمَ بَحْثَ التَّرْجِيحَاتِ الْمَقْبُولَةِ بِالتَّرْجِيحَاتِ الْمَرْدُودَةِ وَالْمَذْكُورَةِ مِنْهَا هَاهُنَا ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ: التَّرْجِيحُ بِغَلَبَةِ الْأَشْيَاءِ لِإِفَادَتِهَا زِيَادَةَ الظَّنِّ بِكَثْرَةِ الْأُصُولِ وَالثَّانِي التَّرْجِيحُ بِعُمُومِ الْوَصْفِ لِزِيَادَةِ فَائِدَتِهِ وَالثَّالِثُ التَّرْجِيحُ بِبَسَاطَةِ الْوَصْفِ لِسُهُولَةِ إثْبَاتِهِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهِ وَالْكُلُّ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي بَابِ الْقِيَاسِ بِمَعْنَى الْوَصْفِ، وَهُوَ قُوَّتُهُ وَتَأْثِيرُهُ لَا بِصُورَتِهِ بِأَنْ يَتَكَثَّرَ الْوَصْفُ أَوْ يَتَكَثَّرَ مَحَالُّ الْوَصْفِ، أَوْ تَقِلَّ أَجْزَاؤُهُ وَأَيْضًا الْوَصْفُ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ النَّصِّ فَيَكُونُ فَرْعًا لَهُ وَقِلَّةُ الْأَجْزَاءِ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِيجَازِ فِي النَّصِّ، وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ تَرْجِيحِ النَّصِّ الْمُوجَزِ عَلَى الْمُطْنَبِ، وَلَا الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بَلْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ عَلَى تَقْدِيرِ تَسَاوِي الْوَصْفَيْنِ فِي التَّأْثِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>