للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَجَازِيًّا لِأَنَّ الْفَاعِلَ عِنْدَهُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ قَالَ الدَّهْرِيُّ أَنْبَتَ الرَّبِيعُ الْبَقْلَ فَقَدْ أَسْنَدَ الْفِعْلَ إلَى مَا هُوَ فَاعِلٌ عِنْدَهُ فَالْإِسْنَادُ حَقِيقِيٌّ مَعَ أَنَّ الرَّبِيعَ لَيْسَ بِفَاعِلٍ فِي الْعَقْلِ، وَهُوَ كَاذِبٌ فِي هَذَا الْكَلَامِ كَمَا إذَا قَالَ رَجُلٌ جَاءَنِي زَيْدٌ نَفْسُهُ مُرِيدًا مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَجِئْ فَكَلَامُهُ حَقِيقِيَّةٌ مَعَ أَنَّهُ كَاذِبٌ فَالْمُرَادُ مِنْ الْفَاعِلِ عِنْدَهُ مَا يُرِيدُ إفْهَامَ الْمُخَاطَبِ أَنَّهُ فَاعِلٌ عِنْدَهُ حَتَّى يَشْمَلَ الْخَبَرَ الصَّادِقَ، وَالْكَاذِبَ.

(فَصْلٌ)

هَذَا الْفَصْلُ فِي أَنْوَاعِ عَلَاقَاتِ الْمَجَازِ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْكُتُبِ غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ لَكِنِّي

ــ

[التلويح]

الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ رَاجِعٌ إلَى الْفَاعِلِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَيَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ الْمَجَازِ مِثْلُ أُفْعِمَ السَّيْلُ عَلَى لَفْظِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّ فَاعِلَهُ الْوَادِي لَا السَّيْلُ، وَمِثْلُ هُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ لِأَنَّ الْفَاعِلَ إنَّمَا هُوَ صَاحِبُ الْعِيشَةِ، وَيَخْرُجُ مِثْلُ قَوْلِ الدَّهْرِيِّ، وَالْأَقْوَالُ الْكَاذِبَةُ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا مَنْسُوبٌ إلَى نَفْسِ الْفَاعِلِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ فِي الظَّاهِرِ لَا إلَى غَيْرِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَيْدِ التَّأْوِيلِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ الْمُلَابَسَةُ احْتِرَازًا عَنْ مِثْلِ أَنْبَتَ الْخَرِيفُ الْبَقْلَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا مَجَازٍ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُلَابَسَاتِ الْفِعْلِ

[فَصْلٌ أَنْوَاعِ عَلَاقَاتِ الْمَجَازِ]

(قَوْلُهُ: فَصْلٌ) قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمَجَازِ مِنْ الْعَلَاقَةِ، وَهُوَ اتِّصَالُ الْمَعْنَى الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ بِالْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَالْعُمْدَةُ فِيهَا الِاسْتِقْرَاءُ، وَيَرْتَقِي مَا ذَكَرَهُ الْقَوْمُ إلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَضَبَطَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي خَمْسَةٍ الشَّكْلُ، وَالْوَصْفُ، وَالْكَوْنُ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ إلَيْهِ، وَالْمُجَاوَرَةُ، وَأَرَادَ بِالْمُجَاوَرَةِ مَا يَعُمُّ كَوْنَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ بِالْجُزْئِيَّةِ أَوْ الْحُلُولِ، وَكَوْنِهِمَا فِي مَحَلٍّ، وَكَوْنِهِمَا مُتَلَازِمَيْنِ فِي الْوُجُودِ أَوْ الْعَقْلِ أَوْ الْخَيَالِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْمُصَنِّفُ فِي تِسْعَةٍ الْكَوْنُ، وَالْأَوَّلُ، وَالِاسْتِعْدَادُ، وَالْمُقَابَلَةُ، وَالْجُزْئِيَّةُ، وَالْحُلُولُ، وَالسَّبَبِيَّةُ، وَالشَّرْطِيَّةُ، وَالْوَصْفِيَّةُ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاصِلًا بِالْفِعْلِ لِلْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ خَاصَّةً أَوْ لَا فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ الزَّمَانُ عَلَى زَمَانِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ فَهُوَ لِلْكَوْنِ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَهُوَ الْأَوَّلُ إلَيْهِ إذْ لَوْ كَانَ حَاصِلًا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ لَمْ يَكُنْ مَجَازًا بَلْ حَقِيقَةً، وَعَلَى الثَّانِي إنْ كَانَ حَاصِلًا لَهُ بِالْقُوَّةِ فَهُوَ الِاسْتِعْدَادُ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا لُزُومٌ، وَاتِّصَالٌ فِي الْعَقْلِ بِوَجْهٍ مَا فَلَا عَلَاقَةَ، وَإِنْ كَانَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لُزُومًا فِي مُجَرَّدِ الذِّهْنِ، وَهُوَ الْمُقَابَلَةُ أَوْ مُنْضَمًّا إلَى الْخَارِجِ، وَحِينَئِذٍ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا جُزْءًا لِلْآخَرِ فَهُوَ الْجُزْئِيَّةُ، وَالْكُلِّيَّةُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ اللَّازِمُ صِفَةً لِلْمَلْزُومِ فَهُوَ الْوَصْفِيَّةُ أَعْنِي الْمُشَابَهَةَ، وَإِلَّا فَاللُّزُومُ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حَاصِلًا فِي الْآخَرِ، وَهُوَ الْحَالِيَّةُ، وَالْمَحَلِّيَّةُ أَوْ سَبَبًا لَهُ، وَهُوَ السَّبَبِيَّةُ، والمسببية أَوْ شَرْطًا لَهُ، وَهُوَ الشَّرْطِيَّةُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَيْضًا ضَبْطٌ، وَتَقْسِيمٌ عُرْفِيٌّ لَا حَصْرٌ، وَتَقْسِيمٌ عَقْلِيٌّ، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ دَائِرًا بَيْنَ النَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ اللَّازِمُ صِفَةً لِلْمَلْزُومِ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>