للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْرِيفُهُمَا، وَأَمَّا فِي الْجُمْلَةِ فَإِنْ نَسَبَ الْمُتَكَلِّمُ الْفِعْلَ إلَى مَا هُوَ فَاعِلٌ عِنْدَهُ فَالنِّسْبَةُ حَقِيقَةٌ فِيهِ وَإِنْ نَسَبَ إلَى غَيْرِهِ لِمُلَابَسَةٍ بَيْنَ الْفِعْلِ، وَالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ فَالنِّسْبَةُ مَجَازِيَّةٌ نَحْوُ أَنْبَتَ الرَّبِيعُ الْبَقْلَ) فَقَوْلُهُ عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا إلَى مَا هُوَ فَاعِلٌ فِي الْعَقْلِ لَكِنَّ صَاحِبَ الْمِفْتَاحِ قَالَ إلَى مَا هُوَ فَاعِلٌ عِنْدَهُ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُوَحِّدُ أَنْبَتَ الرَّبِيعُ الْبَقْلَ يَكُونُ الْإِسْنَادُ

ــ

[التلويح]

فَيُنَافِي إرَادَةَ الْمَوْضُوعِ لَهُ لِأَنَّ إرَادَتَهُ حِينَئِذٍ لَا تَكُونُ لِلِانْتِقَالِ إلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ الدَّاخِلِ تَحْتَ الْإِرَادَةِ قَصْدًا مِنْ غَيْرِ تَبَعِيَّةٍ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ فَيَلْزَمُ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَالْمَجَازِيِّ مَعًا بِالذَّاتِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ لَوْ كَانَ الِاسْتِعْمَالُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ مُنَافِيًا لِإِرَادَةِ الْمَوْضُوعِ لَهُ لِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ لَكَانَ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَيْضًا مُنَافِيًا لِإِرَادَةِ غَيْرِ الْمَوْضُوعِ لَهُ لِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ كُلٌّ مِنْ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ) يُرِيدُ أَنَّ لَفْظَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ مُقَوَّلٌ عَلَى النَّوْعَيْنِ بِالِاشْتِرَاكِ، وَرُبَّمَا يُقَيَّدَانِ فِي الْمُفْرَدِ بِاللُّغَوِيِّينَ وَفِي الْجُمْلَةِ بِالْعَقْلِيِّينَ أَوْ الْحُكْمِيِّينَ، وَمَيْلُ الْمُصَنِّفِ إلَى أَنَّهُمَا مِنْ صِفَاتِ الْكَلَامِ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْأَكْثَرِينَ دُونَ الْإِسْنَادِ، وَلِذَا وَصَفَ النِّسْبَةَ بِالْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِيَّةِ دُونَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ إلَّا أَنَّ اتِّصَافَ الْكَلَامِ بِهِمَا إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْإِسْنَادِ فَلِهَذَا اُعْتُبِرَ فِي التَّقْسِيمِ النِّسْبَةُ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقِيقَةَ الْعَقْلِيَّةَ جُمْلَةٌ أُسْنِدَ فِيهَا الْفِعْلُ إلَى مَا هُوَ فَاعِلٌ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ كَقَوْلٍ لِمُؤْمِنٍ أَنْبَتَ اللَّهُ الْبَقْلَ، وَالْمَجَازُ الْعَقْلِيُّ جُمْلَةٌ أُسْنِدَ فِيهَا الْفِعْلُ إلَى غَيْرِ مَا هُوَ فَاعِلٌ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ لِمُلَابَسَةٍ بَيْنَ الْفِعْلِ، وَذَلِكَ الْغَيْرِ نَحْوُ أَنْبَتَ الرَّبِيعُ الْبَقْلَ لِمَا بَيْنَ الْإِنْبَاتِ، وَالرَّبِيعِ مِنْ الْمُلَابَسَةِ لِكَوْنِهِ زَمَانًا لَهُ، وَأَرَادَ بِالْفِعْلِ الْمُصْطَلَحَ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمَصَادِرِ، وَالصِّفَاتِ، وَبِالْفَاعِلِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مَا يُرِيدُ إفْهَامَ الْمُخَاطَبِ أَنَّهُ فَاعِلٌ عِنْدَهُ بِمَعْنَى أَنَّ الْفِعْلَ حَاصِلٌ لَهُ، وَهُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ سَوَاءٌ قَامَ بِهِ فِي الْخَارِجِ كَضَرْبٍ أَوْ لَاكِمَاتٍ، وَسَوَاءٌ صَدَرَ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ لَا سَوَاءٌ كَانَ فَاعِلًا عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ لَا فَيَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ الْحَقِيقَةِ مَا يُطَابِقُ الْوَاقِعَ، وَالِاعْتِقَادَ جَمِيعًا أَوْ لَا يُطَابِقُ شَيْئًا مِنْهُمَا أَوْ يُطَابِقُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ فَلَوْ قَالَ الْفَاعِلُ عِنْدَ الْعَقْلِ لَخَرَجَ مَا يُطَابِقُ الِاعْتِقَادَ فَقَطْ مِثْلُ قَوْلِ الدَّهْرِيِّ أَنْبَتَ الرَّبِيعُ الْبَقْلَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ عَقْلُ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ السَّامِعِ، وَقَدْ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْفَاعِلِ فِي اللَّفْظِ فَإِنَّ الْمَنْسُوبَ إلَيْهِ فِي الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ أَيْضًا فَاعِلٌ فِي اللَّفْظِ، وَلَوْ أَرَادَ بِالْفَاعِلِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مَا يَكُونُ الْفِعْلُ حَاصِلًا لَهُ فِي اعْتِقَادِ الْمُتَكَلِّمِ بِحَسَبِ التَّحْقِيقِ لِخُرُوجِ الْأَقْوَالِ الْكَاذِبَةِ الَّتِي لَا تُطَابِقُ الْوَاقِعَ، وَلَا الِاعْتِقَادَ مِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ جَاءَ زَيْدٌ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ لِأَنَّهُ لَمْ يُوصَفْ بِالْمَجِيءِ لَا فِي الْوَاقِعِ، وَلَا عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ بِحَسَبِ التَّحْقِيقِ لَكِنْ بِحَسَبِ مَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْفَاعِلَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ عِبَارَةٌ عَمَّا يَكُونُ الْفِعْلُ حَاصِلًا لَهُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ فِي الظَّاهِرِ فَيَشْمَلُ نَحْوَ ضُرِبَ عَمْرٌو عَلَى لَفْظِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّ الْمَضْرُوبِيَّةَ صِفَةُ عَمْرٍو فَهُوَ فَاعِلٌ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>