للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَهْلِيَّةُ الْأَدَاءِ الْكَامِلَةِ تَثْبُتُ بِقُدْرَةٍ كَامِلَةٍ.

(وَالْقُدْرَةُ الْقَاصِرَةُ تَثْبُتُ بِالْعَقْلِ الْقَاصِرِ، وَهُوَ عَقْلُ الصَّبِيِّ، وَالْمَعْتُوهِ وَالْكَامِلَةُ بِالْعَقْلِ الْكَامِلِ، وَهُوَ عَقْلُ الْبَالِغِ غَيْرِ الْمَعْتُوهِ فَمَا يَثْبُتُ بِالْقَاصِرَةِ أَقْسَامٌ فَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى كَالْإِيمَانِ وَفُرُوعِهِ تَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مُرُوا صِبْيَانَكُمْ) بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغُوا سَبْعًا وَاضْرِبُوهُمْ إذَا بَلَغُوا عَشْرًا» (وَإِنَّمَا الضَّرْبُ لِلتَّأْدِيبِ) جَوَابُ إشْكَالٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: كَيْفَ يُضْرَبُ، وَالضَّرْبُ عُقُوبَةٌ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا الضَّرْبَ لِلتَّأْدِيبِ، وَالصَّبِيُّ أَهْلٌ لِلتَّأْدِيبِ (وَلِأَنَّهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (أَهْلٌ لِلثَّوَابِ، وَلِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا وُجِدَ لَا يَنْعَدِمُ شَرْعًا إلَّا بِحَجْرِهِ) أَيْ بِحَجَرِ الشَّرْعِ، وَهُوَ بَاطِلٌ فِيمَا هُوَ حَسَنٌ، وَفِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ وَلَا ضَرَرَ إلَّا فِي لُزُومِ أَدَائِهِ، وَهُوَ عَنْهُ مَوْضُوعٌ (وَأَمَّا حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ، وَالْفُرْقَةُ فَيُضَافَانِ إلَى كُفْرِ الْآخَرِ) جَوَابُ إشْكَالٍ، وَهُوَ أَنَّ

ــ

[التلويح]

لَا مِنْ الْمَقَاصِدِ وَالْأَحْكَامِ الْأَصْلِيَّةِ لِلْإِيمَانِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْكُفْرُ فَيُعْتَبَرُ) مِنْ الصَّبِيِّ أَيْضًا كَمَا يُعْتَبَرُ مِنْهُ الْإِيمَانُ إذْ لَوْ عُفِيَ عَنْهُ الْكُفْرُ، وَجُعِلَ مُؤْمِنًا لَصَارَ الْجَهْلُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عِلْمًا بِهِ لِأَنَّ الْكُفْرَ جَهْلٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَصِفَاتِهِ، وَأَحْكَامِهِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَالْجَهْلُ لَا يُجْعَلُ عِلْمًا فِي حَقِّ الْعِبَادِ فَكَيْفَ فِي حَقِّ رَبِّ الْأَرْبَابِ فَيَصِحُّ ارْتِدَادُ الصَّبِيِّ فِي حَقِّ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْكُفْرِ، وَدُخُولَ الْجَنَّةِ مَعَ الشِّرْكِ مِمَّا لَمْ يَرِدُ بِهِ شَرْعٌ، وَلَا حَكَمَ بِهِ عَقْلٌ كَذَا فِي حَقِّ أَحْكَامِ الدُّنْيَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى تَبِينَ مِنْهُ امْرَأَتُهُ الْمُسْلِمَةُ، وَيَحْرُمَ الْمِيرَاثُ مِنْ مُوَرِّثِهِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ الرِّدَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْبَالِغِ لِأَنَّ الْكُفْرَ مَحْظُورٌ لَا يَحْتَمِلُ الْمَشْرُوعِيَّةَ بِحَالٍ، وَلَا يَسْقُطُ بِعُذْرٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَتْلِ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الِارْتِدَادِ بَلْ بِالْمُحَارَبَةِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا كَالْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ إسْلَامِهِ حَالَ الصِّبَا شُبْهَةٌ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ.

(قَوْلُهُ بِلَا عُهْدَةٍ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ، وَالْعَبْدَ بِتَصَرُّفَاتِهِمَا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عُهْدَةٌ لِأَنَّ مَا فِيهِ احْتِمَالَ الضَّرَرِ لَا يَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الْوَلِيُّ فَيَنْدَفِعَ قُصُورُ رَأْيِهِ بِانْضِمَامِ رَأْيِ الْوَلِيِّ فَيَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مُبَاشَرَتُهُ) لِأَنَّ وِلَايَةَ الْوَلِيِّ نَظَرِيَّةٌ، وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ إثْبَاتُ الْوِلَايَةِ فِيمَا هُوَ ضَرَرٌ مَحْضٌ، وَقَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْحَقُّ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي إثْبَاتِ أَصْلِ الْحُكْمِ حَتَّى يَمْلِكَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ، وَأَبَى الزَّوْجُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا إذَا ارْتَدَّ الزَّوْجُ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْقَرْضَ) أَيْ الْإِقْرَاضَ إذْ اسْتِقْرَاضُ مَالِ الصَّبِيِّ يَجُوزُ لِلْأَبِ دُونَ الْقَاضِي، وَأَمَّا الْإِقْرَاضُ فَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ قَطْعُ الْمِلْكِ عَنْ الْعَيْنِ بِبَدَلِهِ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ غَيْرُ مَلِيٍّ فِي الْغَالِبِ فَيُشْبِهُ التَّبَرُّعَ فَلَا يَمْلِكُهُ الْوَلِيُّ، وَأَمَّا الْقَاضِي فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَطْلُبَ مَلِيًّا، وَيُقْرِضَهُ مَالَ الْيَتِيمِ، وَيَكُونَ الْبَدَلُ مَأْمُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>