فَلَا.
(قُلْنَا لَوْ وَجَبَ أَدَاءُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَائِضِ وَالْحَيْضُ يُنَافِيهَا لِظُهُورِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْقَضَاءِ، وَفِي قَضَائِهَا حَرَجٌ فَيَسْقُطُ أَصْلُ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ إذْ لَيْسَ فِي الْقَضَاءِ حَرَجٌ، وَالْأَدَاءُ مُحْتَمَلٌ) أَيْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَدَاءُ الصَّوْمِ مِنْ الْحَائِضِ وَاجِبًا (لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ، وَعَدَمُ جَوَازِهِ مِنْهَا) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ الصَّوْمِ مِنْ الْحَائِضِ (خِلَافُ الْقِيَاسِ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْخَلَفِ) أَيْ يَنْتَقِلُ الْوُجُوبُ إلَى الْخَلَفِ، وَهُوَ الْقَضَاءُ (وَالْجُنُونُ الْمُمْتَدُّ بِوُجُوبِ الْحَرَجِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَكَذَا الْإِغْمَاءُ الْمُمْتَدُّ فِي الصَّلَاةِ دُونَ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِغْمَاءُ (يَنْدُرُ مُسْتَوْعِبًا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ) أَيْ أَهْلِيَّةُ الْأَدَاءِ (فَقَاصِرَةٌ، وَكَامِلَةٌ، وَكُلٌّ تَثْبُتُ بِقُدْرَةٍ كَذَلِكَ) أَيْ أَهْلِيَّةُ الْأَدَاءِ الْقَاصِرَةِ تَثْبُتُ بِقُدْرَةٍ قَاصِرَةٍ
ــ
[التلويح]
بِهِ، وَهُوَ بِالْبَدَنِ فَإِذَا كَانَتْ كِلْتَا الْقُدْرَتَيْنِ مُنْحَطَّةً عَنْ دَرَجَةِ الْكَمَالِ كَمَا فِي الصَّبِيِّ الْغَيْرِ الْعَاقِلِ أَوْ إحْدَاهُمَا كَمَا فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ أَوْ الْمَعْتُوهِ الْبَالِغِ كَانَتْ الْأَهْلِيَّةُ نَاقِصَةً.
(قَوْلُهُ فَمَا يَثْبُتُ) بِالْقُدْرَةِ النَّاقِصَةِ أَقْسَامٌ لِأَنَّهَا إمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حُقُوقُ الْعِبَادِ، وَالْأَوَّلُ إمَّا حَسَنٌ لَا يَحْتَمِلُ الْقُبْحَ، وَإِمَّا قَبِيحٌ لَا يَحْتَمِلُ الْحُسْنَ وَإِمَّا مُتَرَدِّدٌ بَيْنَهُمَا، وَالثَّانِي إمَّا نَفْعٌ مَحْضٌ أَوْ ضَرَرٌ مَحْضٌ أَوْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَهُمَا صَارَتْ سِتَّةً وَأَحْكَامُهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ بَاطِلٌ فِيمَا هُوَ حَسَنٌ، وَفِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ) يَعْنِي أَنَّ الْإِيمَانَ وَفُرُوعَهُ حَسَنٌ، وَفِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ فَلَا يَلِيقُ بِالشَّارِعِ الْحَكِيمِ الْحَجْرُ عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ: هُوَ يَحْتَمِلُ الضَّرَرَ بِالِالْتِزَامِ، وَالْعُهْدَةِ حَيْثُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ إلَّا مِنْ جِهَةِ لُزُومِ الْأَدَاءِ، وَلُزُومُ الْأَدَاءِ هُوَ مَوْضُوعٌ عَنْ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِعُذْرِ النَّوْمِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْإِكْرَاهِ، وَأَمَّا نَفْسُ الْأَدَاءِ وَصِحَّتُهُ فَنَفْعٌ مَحْضٌ لَا ضَرَرَ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ: نَفْسُ الْأَدَاءِ أَيْضًا يَحْتَمِلُ الضَّرَرَ فِي حَقِّ أَحْكَامِ الدُّنْيَا كَحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ الْكَافِرِ، وَالْفُرْقَةِ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ الْمُشْرِكَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمَا مُضَافَانِ إلَى إسْلَامِ الصَّبِيِّ بَلْ إلَى كُفْرِ الْمُوَرِّثِ وَالزَّوْجَةِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَهُمَا مِنْ ثَمَرَاتِ إسْلَامِهِ وَأَحْكَامُهُ اللَّازِمَةُ مِنْهُ ضِمْنًا لَا مِنْ أَحْكَامِهِ الْأَصْلِيَّةِ الْمَوْضُوعَةِ هُوَ لَهَا لِظُهُورِ أَنَّ الْإِيمَانَ إنَّمَا وُضِعَ لِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، وَصِحَّةُ الشَّيْءِ إنَّمَا تُعْرَفُ مِنْ حُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي وُضِعَ هُوَ لَهُ لَا مِمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ ثَمَرَاتِهِ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ وَرِثَ قَرِيبَهُ أَوْ وُهِبَ مِنْهُ قَرِيبُهُ فَقَبِلَهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ ضَرَرٌ مَحْضٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْأَصْلِيَّ لِلْإِرْثِ، وَالْهِبَةِ هُوَ الْمِلْكُ بِلَا عِوَضٍ لَا الْعِتْقُ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
(قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا) أَيْ حِرْمَانُ الْإِرْثِ عَنْ الْمُوَرَّثِ الْكَافِرِ، وَالْفُرْقَةُ عَنْ الزَّوْجَةِ الْوَثَنِيَّةِ يَثْبُتَانِ فِيمَا إذَا ثَبَتَ إيمَانُ الصَّبِيِّ تَبَعًا بِأَنْ أَسْلَمَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ، وَلَمْ يُعَدَّ إضْرَارًا يَمْنَعُ صِحَّةَ ثُبُوتِ الْإِيمَانِ لِكَوْنِهِمَا مِنْ الثَّمَرَاتِ وَاللَّوَازِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute